قال عثمان بن الأسود (١): كنت أطوف مع مجاهد حول الكعبة، فرفع رأسه إلى أبي قُبَيْس (٢) فقال: لو أن رجلًا أنفق مثلَ هذا في طاعة الله لم يكن من المسرفين (٣).
٢٧ - قوله تعالى:{إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا}، أي: المنفقين في غير طاعة الله، قاله ابن عباس (٤)، {كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} قال: يريد أولياءهم، قال أبو إسحاق: أي يفعلون ما يُسَوَّل لهم الشيطان (٥).
وقال أهل المعاني: مؤاخاة الشيطان: موافقته فيما دعا إليه، وكل من أجاب الشيطان إلى ما سَوَّلَ له، فهو من إخوان الشياطين؛ [لأنه يتبع
(١) عثمان بن موسى بن باذان المكي، مولى بني جُمَح، ثقة ثبت، روى عن مجاهد وعطاء، وعنه: الثوري وابن المبارك، مات سنة (١٥٠ هـ). انظر: "الجرح والتعديل" ٦/ ١٤٤، و"الكاشف" ٢/ ٥ (٣٦٨٠)، و"تقريب التهذيب" ص ٣٨٢ (٤٤٥١). (٢) بالتصغير، هو الجبل المشرف على الصفا، قال الأزرقي: وسمي أبا قبيس؛ لأن أول من بني فيه رجلٌ يقال له: أبو قبيس، هذا هو المشهور، وقيل غير ذلك، وهو أحد الأخشبين، وكان يسمى في الجاهلية (الأمين)، ويقال: إنما سمي الأمين؛ لأن الحجر الأسود كان فيه مستودعًا عام الطوفان. انظر: "أخبار مكة" للأزرقي ٢/ ٢٦٦، و"معجم البلدان" ١/ ٨٠. (٣) ورد في "تفسير الطبري" ١٥/ ٧٤ بمعناه، و"السمرقندي" ٢/ ٢٦٦، بنحوه، انظر: "تفسير الفخر الرازي" ٢٠/ ١٩٣. (٤) أخرجه "الطبري" ١٥/ ٧٣ - ٧٤ بنصه من طريق العوفي [ضعيفة]، ومن طريق عكرمة [جيدة]، وورد في: "تفسير الجصاص" ٣/ ١٩٨ بنصه، انظر: "تفسير أبي حيان" ٦/ ٣٠. (٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٣٥، بنصه.