فمنهم الشريف والدني، والمطيع والعاصي، والقوي والضعيف (١).
وقال المبرد: الأكثر عند العرب أن اللفيف إنما يقال للمختلطين من كل شيء خلطته بشيء فقد لففته، ومنه قيل: لفَفَتَ الجيوشَ إذا ضربت بعضها ببعض، والتفت الزحوف (٢).
والمعنى: جئنا بكم من قبوركم إلى المحشر أخلاطًا، يعني جميع الخلق؛ المسلم والكافر والبر والفاجر.
١٠٥ - قوله تعالى:{وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ} الحق نقيض الباطل، وهو الثابت الذي لا يزول، كما أن الباطل: الزائل الذاهب، وأراد بالحق هنا: الدين الحق والأمر الحق، وهو ما كان عليه محمد -صلى الله عليه وسلم- والكناية في:{أَنْزَلْنَاهُ} للقرآن، ومعناه: أنزلنا القرآن بالأمر الثابت والدين القائم، قال أبو علي الفارسي:(الباء) في: {وَبِالْحَقِّ} في موضع الحال من الضمير في {أَنْزَلْنَاهُ}، يعني أنه بمعنى: مع، كما تقول: نزل بِعُدّته وخرج بسلاحه، والمعنى: أنزلنا القرآن مع الحق.
وقوله تعالى:{وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} قال: يحتمل الجار فيه ضربين؛ أحدهما: أن يكون التقدير نزل بالحق كما تقول: نزلت يزيد، والثاني: أن يكون حالاً من الضمير الذي في نزل، هذا كلامه (٣)، وعلى القول الأول: الحق محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن القرآن نزل به عليه، وعلى القول الثاني: معناه نزل مع الحق، كما قلنا في قوله:{وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ}.
(١) ورد في "تهذيب اللغة" (لفف) ٤/ ٣٢٨١، بنصه. (٢) لم أقف عليه، وورد نحوه بلا نسبة في "تفسير الثعلبي" ٧/ ١٢٣ أ، و"الطوسي" ٦/ ٥٢٩، و"الفخر الرازي" ٢١/ ٦٦. (٣) لم أقف عليه.