وقوله تعالى:{ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ}، قال بعض أهل المعاني (١): إنما عطف المستقبل على الماضي للبيان أن من شأنهم نقض العهد مرّة بعد مرّة، قال ابن عباس (٢)، والكلبي (٣)، ومجاهد (٤)، وسعيد ابن جبير (٥)، ومقاتل (٦): هم قريظة نقضوا عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأعانوا عليه مشركي مكة ثم اعتذروا وقالوا: أخطأنا ونسينا فعاهدهم ثانية فنقضوا العهد يوم الخندق، فذلك قوله:{ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ}، قال ابن عباس: يريد: لا يخافون النقمة مني (٧).
وقال أهل المعاني: نقضوا العهد من غير أن يتقوا عقاب الله في عاجل أمرهم وآجله (٨).
٥٧ - قوله تعالى:{فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ}، قال الليث: ثقفنا فلانًا في موضع كذا أي: أخذناه، ومصدره: الثقف (٩). وقال ابن دريد: ثقفت الشيء: حذقته، وثقفته: إذا ظفرت به (١٠)، واحتج بالآية، ونحو هذا قال
(١) هو: الحوفي في "البرهان" ١١/ ٨٩ أ. (٢) ذكره بنحوه السمرقندي ٢/ ٢٣. (٣) رواه مختصرًا البغوي ٣/ ٣٦٩. (٤) رواه بمعناه ابن جرير ١٠/ ٢٥، وابن أبي حاتم ٥/ ١٧١٩، وابن أبي شيبة وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" ٣/ ٣٤٧. (٥) رواه بمعناه أبو الشيخ كما في "الدر المنثور" ٣/ ٣٤٧. (٦) انظر: "تفسيره" ١٢٣ أ. (٧) في "تنوير المقباس" ص ١٨٤ (وهم لا يتقون): عن نقض العهد. (٨) هذا قول الحوفي في "البرهان" ١١/ ٨٩ ب. (٩) "تهذيب اللغة" (ثقف) ١/ ٤٨٩، والنص في كتاب "العين" (ثقف) ٥/ ١٣٨ مختصرًا. (١٠) "جمهرة اللغة" لابن دريد (ثقف) ١/ ٤٢٩، و"تهذيب اللغة" (ثقف) ١/ ٤٨٩.