كَفَرَ} كالنصارى بعد المسيح، اختلفوا فصاروا فرقًا، ثم تحاربوا (١)، {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا}، كما قال:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى}[الأنعام: ٣٥].
وكرر (٢) المشيئة باقتتالهم تأكيدًا للأمر، وتكذيبًا لمن زعم أنهم فعلوا ذلك من عند أنفسهم، لم يجر به قضاء ولا قدر من الله تعالى، ثم قال:{وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيد} فيوفق من يشاء فضلًا، ويخذل من يشاء عدلًا (٣).
٢٥٤ - قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ} قال الحسن: أراد الزكاة المفروضة، قال: لأنه مقرون بوعيد، وقال الآخرون (٤): أراد صدقة التطوع، والنفقة في الخير. قال ابن عباس في هذه الآية: نَفَقَةُ الرجل على أهله وولده وخادمه وجاره صدقة، إذا كان من حلال، وفي غير سرف.
وقال أبو إسحاق: أي: أنفقوا في الجهاد، ولْيُعِنْ بعضكم بعضًا عليه (٥).
{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ} يعنى: يوم القيامة، يريد: لا يؤخذ في ذلك اليوم بدلٌ ولا فداء، كقوله:{وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا}[الأنعام: ٧٠]، وقوله تعالى:{فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ} وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}[المائدة: ٣٦]، فذكر لفظ البيع لما فيه من المعاوضة وأخذ البدل.
(١) "تفسيرالثعلبي" ١/ ١٤٠٢. (٢) في (ي): (فكرر). (٣) "تفسير الثعلبي" ١/ ١٤٠٣. (٤) في (ي) و (م): (آخرون). (٥) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٣٥.