١٤٩ - قوله تعالى:{وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} الهاء تعود على شطر المسجد، ويجوز أن تعود إلى التوجه المدلول عليه بقوله:{فَوَلِّ وَجْهَكَ}(١)، ومعنى:{لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} أي: بأمره وحكمه (٢).
١٥٠ - قوله تعالى:{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ} إنما كرر هذا؛ لأن هذا من مواضع التوكيد؛ لأجل النسخ الذي نُقلوا فيه من جهة إلى جهة للتقرير (٣).
وقوله تعالى {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} قيل: الحجة: فُعلة، من الحج الذي هو القصد، لأنها مقصودة للمخاصم، ومنه: المحجّة: لأنها تقصد بالسلوك. والمخاصمةُ يقال لها: المحاجّة؛ لقصد كل واحد من الخصمين إلى إقامة بينته وإبطال ما في يد صاحبه (٤).
وقوله تعالى {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا} اختلف العلماء في وجه هذا الاستثناء، وهم في هذه الآية فريقان:
فريق أوّلوا الآية على سياقها، وصححوا الاستثناء على ظاهره (٥)،
(١) وهذا اختيار الطبري في "تفسيره" ٢/ ٣٠، وينظر: "التبيان" للعكبري ص ١٠٠. (٢) قال الطبري ٢/ ٣٠: وان التوجه شطره للحق الذي لا شك فيه من عند ربك، فحافظوا عليه، وأطيعوا الله في توجهكم قِبَله. وقال في "البحر المحيط" ١/ ٤٣٩. هذا إخبار من الله تعالى بأن استقبال هذه القبلة هو الحق، أي الثابت الذي لا يعرض له نسخ ولا تبديل. (٣) ينظر: "تفسير البغوي" ١/ ١٦٥، "المحرر الوجيز" ٢/ ٢٤. (٤) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٥٠، "المفردات" ص ١١٥، "لسان العرب" ٢/ ٧٧٩ (حجج). (٥) بين أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٤٤١ أن الاستثناء في الآية متصل، ونسبه إلى ابن عباس، قال: واختاره الطبري، وبدأ به ابن عطية، ولم يذكر الزمخشري غيره، وذلك أنه متى أمكن الاستثناء المتصل إمكانًا حسنًا كان أولى من غيره.