وقوله تعالى:{وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ}، المفسرون على أن هذا تهديد لكفار مكة (١)؛ يقول: قد مضت سنة الله بإهلاك من كذَّبَ الرسولَ في القرون الماضية.
وقال أبوإسحاق: أي: قد مضت سُنّةُ الأولين بمثل ما فعله هؤلاء، فهم يقتفون آثارهم في الكفر (٢)، وهذا أليق بظاهر اللفظ (٣).
١٤ - قوله تعالى:{وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا} يقال: ظل فلان نهاره يفعل كذا، إذا فعله بالنهار، ولا تقول العرب: ظل يظل، إلا لكل عمل بالنهار، كما لا يقولون: بات [يبيت، إلا بالليل، والمصدر](٤) الظلول، فأما حذف إحدى اللامين فإنه جائز، وسنذكر اللغة فيه عند قوله:{ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا}[طه: ٩٧] إن شاء الله.
وقوله تعالى:{فِيهِ يَعْرُجُونَ} يقال: عَرج يَعْرُج عُرُوجًا، ومنه المعارج وهي المصاعد التي يصعد فيها، وفي هذه الآية قولان للمفسرين؛ أحدهما: أن قوله: {فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ} من صفة المشركين.
قال ابن عباس في رواية عطاء: فطفقوا فيه يصعدون، يريد ينظرون فيه إلى ملكوت الله وقدرته وسلطانه، وإلى عبادة الملائكة الذين هم من
(١) ورد في "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٤٦ أ، بمعناه، و"تفسير البغوي" ٤/ ٣٧٠، والزمخشري ٢/ ٣١١، الفخر الرازي ١٩/ ١٦٥، والخازن ٣/ ٩٠. (٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٧٣ بنصه، و"تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ١٦٥. (٣) والقولان متلازمان، فما ذكره الزجاج هو السبب، وماذهب إليه المفسرون هو العاقبة والمال. (٤) ما بين المعقوفين بياض في (أ)، (د)، وفي هامش نسخة (د) كتب [سقطت من النسخة القديمة]، والمثبت من (ش)، (ع).