كان كذلك لزم أن يكون (قل) تكريرًا؛ ليقع الاستفهام بعدها في موضع المفعول الثاني] (١)، ومثله في التوكيد والاعتراض بين المفعول الأول والثاني، قوله (٢): {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ}(٣)[الأحقاف: ٤] ونذكر الكلام فيه إذا انتهينا إليه إن شاء الله تعالى (٤).
٦٠ - قوله تعالى:{وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الظرف متعلق بالظن على معنى: ما ظنهم في ذلك اليوم؟ وهو استفهام تقريع وتوبيخ، قال مقاتل: وما ظن الذين يتقولون على الله الكذب بأن الله أمرهم بتحريمه (٥) يوم القيامة إذا لقوه (٦)؟
وقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ}، قال ابن عباس: يريد: أهل مكة حين جعلهم في أمن وحرم (٧) كما قال: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ح) و (ز). (٢) ساقط من (م). (٣) اهـ. كلام أبي علي، انظر: "المسائل الحلبيات" ص ٧٦ بتصرف واختصار. (٤) أحال في هذا الموضع إلى سورة فاطر وقال هناك ٤/ ١٧٧ أ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ} الآية، قال أبو إسحاق: معناه: أخبروني عن شركائكم، {مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} قال أبو علي: قوله: {مَاذَا خَلَقُوا} في موضع نصب، وقال مقاتل: {مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} كما خلق الله آدم إن كانوا آلهة، قال الفراء: أي أنهم لم يخلقوا شيئًا، فعلى هذا (من) بمعنى (في). (٥) في (م): (بتكذيبه)، وهو خطأ. (٦) "الوسيط" ٢/ ٥٥١، ولفظه في "تفسير مقاتل" ١٤١ ب: {وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ} في الدنيا، {عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} فزعموا أن له شريكًا {يَوْمَ الْقِيَامَةِ}. (٧) "الوجيز" ٧/ ١٧١، ولا دليل على هذا التخصيص، والأصل بقاء اللفظ على عمومه.