٦ - قوله تعالى:{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ}، قال ابن عباس (١): يريد العذاب قبل الرحمة (٢).
وقال أبو إسحاق (٣): أي يطلبون العذاب بقولهم {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ}[الأنفال: ٣٢] قال المفسرون (٤): يعني مشركي مكة؛ سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأتيهم العذاب استهزاءً منهم بذلك، كما أخبر عنهم في آية أخرى بقوله {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ}[الأنفال: ٣٢] الآية، فالمراد بالسيئة هاهنا العقوبة المهلكة والعذاب، والحسنة هي العافية والرخاء، والله تعالى صرف عمن بعث إليه محمد - صلى الله عليه وسلم - عقوبة الاصطلام (٥)، وأخّر تعذيب مكذبيه إلى يوم القيامة، فذلك التأخير هو الحسنة.
قال أهل المعاني: وهي إحسانه بالإنظار في حكم (٦) الله أن يمهل هذه الأمة للتوبة، ثم يأخذ من أقام على الكفر بالعقوبة، وهؤلاء الكفار استعجلوا العذاب قبل إحسان الله معهم بالإنظار.
وقوله تعالى {وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ} العرب (٧) تقول
(١) "زاد المسير" ٤/ ٣٠٥. (٢) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج). (٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٣٩. (٤) الثعلبي ٧/ ١٢١ ب، والطبري ١٣/ ١٠٥، وقد روى هذا المعنى عن قتادة وغيره، و"زاد المسير" ٤/ ٣٠٥، والقرطبي ٩/ ٢٨٤. (٥) الاصطلام: الاستئصال، واصطُلِمَ القوم: أبيدوا، والاصطلام: إذا أبيد قوم من أصلهم. انظر: "تهذيب اللغة" (صلم) ٢/ ٢٠٤٧، و"اللسان" (صلم) ٤/ ٢٤٨٩. (٦) في (ب): (في حلم). (٧) "تهذيب اللغة" (مثل) ٤/ ٣٣٤٢، واللسان" (مثل) ٧/ ٤١٣٥.