حذفها فثبتت الياء في النداء، لما أمن من لحاق التنوين فيه كما يثبت مع الألف واللام، لما أمن التنوين معها، في نحو (المتعالي)[الرعد: ٩] و {دَعْوَةَ الدَّاعِ}[البقرة: ١٨٦]، والأول أكثر في استعمالهم (١)(٢).
٣٤ - قوله تعالى:{لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} قال ابن عباس (٣): يريد الإسقام والقتل والأسر، {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ} أي: أشد وأغلظ.
قال أهل المعاني: المشقة غلظ الأمر على النفس، بما يكاد يصدع القلب، فهو من الشق بمعنى الصدع. {وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ} أي: من عذاب الله، {مِنْ وَاقٍ} أي حاجز ومانع يمنعهم ذلك، يقال: وقاه الله السوء يقيه وقيًا، أي دفعه عنه، ومثله الوقاية، ويقال لكل ما يدفع الأذية: وقًا ووقاية، حتى النعل وقاية للرِّجْل، ومعنى قوله:{وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ} أن عذاب الآخرة لا يدفعه عنهم دافع، وأنهم فيه خالدون.
٣٥ - قوله تعالى:{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} الآية، اختلفوا في معنى قوله:{مَثَلُ الْجَنَّةِ} وفي وجه ارتفاعه، فقال سيبويه (٤): المعنى: فيما نقص عليكم مثل الجنة فيما نقص عليكم، فرفعه عنده على الابتداء والخبر محذوف، هذا حكايته الزجاج عنه (٥)، وقال ابن الأنباري (٦) محققًا هذا القول: المثل خبره مضمر قبله، يراد به: فيما نصف لكم مثل الجنة، فيما نقصه من القرآن خبر الجنة، والمثل (على هذا القول معناه الحديث
(١) في "الحجة": كذلك تثبت في النداء لذلك. (٢) آخر النقل عن "الحجة" ٥/ ٢٣، ٢٤. بنحوه. (٣) الثعلبي ٧/ ١٣٩ أ، و"زاد المسير" ٤/ ٣٣٤، القرطبي ٩/ ٣٢٤ من غير نسبة. (٤) القرطبي ٩/ ٣٢٤. (٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٤٩. (٦) "زاد المسير" ٤/ ٣٣٤.