وذكرنا أن العلم يقع بمنزلة اليمين في قوله:{وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ}[البقرة: ١٠٢] الآية.
٦٦ - فلما اتجهت الحجة عليهم بإقرارهم وبَّخهم إبراهيم فقال:{أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا}. قال السدي: يقول لا يرزقكم ولا يعطيكم شيئاً {وَلَا يَضُرُّكُمْ} قال: يقول إذا لم تعبدوها لم يضركم. وهذا معنى قول الكلبي: لا ينفعكم إن عبدتموه ولا يضركم إن تركتموه (١).
وفي هذا حث على عبادة من يملك النفع بالثواب إذا عبد، والضر بالعقاب إذا لم يعبد، وهو الله تعالى.
٦٧ - ثم حقَّرهم وحقَّر معبودهم (٢)، فقال:{أُفٍّ لَكُمْ} أي (٣) نتنًا لكم (٤){وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ}. وذكرنا الكلام في (أف) في سورة سبحان (٥).
وقوله تعالى:{أَفَلَا تَعْقِلُونَ} قال ابن عباس: يريد العقل بعينه (٦).
(١) مثله في تنوير المقباس ص ٢٠٣. (٢) في (د)، (ع): (معبوديهم). (٣) (أي): زيادة من (د)، (ع). (٤) هذا تفسير الزجاج في "معانيه" ٣/ ٣٩٨. قال الطبري ١٧/ ٤٢: (أف لكم) أي: قبحا لكم وللآلهة التي تعبدون من دون الله. وقال الزمخشري ٢/ ٥٧٧: (أف) صوت إذ صوت له عُلم أن صحابه متضجر. أضجره ما رأى من ثباتهم على عبادتها بعد انقطاع عذرهم وبعد وضوح الحق وزهوق الباطل، فتأفف بهم. (٥) انظر: "البسيط" [الإسراء: ٢٣]. (٦) ذكر هذا المعنى أبو حيان في "البحر" ٦/ ٣٢٦ ولم ينسبه لأحد، حيث قال: ثم نبههم على ما به يدرك حقائق الأشياء, وهو العقل فقال (أفلا تعقلون).