روى منصور، عن هلال، قال: كان أهل المدينة إذا أتى على أحدهم أربعين سنة تفرغ للعبادة (١).
وقال ابن عباس في رواية مجاهد: يعني ستين سنة (٢). وهذا أولى الأقاويل؛ لما روى أبو هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"إذا بلغ الرجل ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر"(٣)، وقوله:{وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} قال ابن عباس (٤): يريد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو قول مقاتل والجمهور (٥).
وقال آخرون: يعني به الشيب. روى ذلك عكرمة وسفيان بن عيينة (٦).
وذكر الفراء والزجاج القولين في النذير (٧).
وقال أبو علي: من قال: إن النذير محمد -صلى الله عليه وسلم-، كان اسم فاعل كالمنذر، ومن قال: إنه الشيب، كان الأولى أن يكون مصدرًا كالإنذار (٨). والقول هو الأول. لقوله تعالى في صفة محمد -صلى الله عليه وسلم-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}[الأحزاب: ٤٥، الفتح.: ٨]
(١) لم أقف عليه عن منصور بن هلال، وقد ذكره القرطبي في "تفسيره" ١٤/ ٣٥٣ ونسبه لمالك (٢) انظر: "الطبري" ٢٢/ ١٤١، "بحر العلوم" ٣/ ٨٩، "زاد المسير" ٦/ ٤٩٤. (٣) أخرجه الحاكم في "المستدرك" كتاب: التفسير، تفسير سورة الملائكة ٤/ ٤٢٧ وقال: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وابن أبي حاتم في "التفسير" ١٠/ ٣١٨٥. (٤) انظر: "تفسير ابن عباس" بهامش المصحف ص ٤٣٧. (٥) وهو قول جمهور المفسرين كما حكاه "البغوي" ٣/ ٥٧٣، والنحاس في "معاني القرآن" ٥/ ٤٦٢، وابن عطية في "المحرر الوجيز" ٤/ ٤٤١. (٦) انظر: "تفسير الثعلبي" ٣/ ٢٣٠ أ، البغوي ٣/ ٥٧٣، "زاد المسير" ٦/ ٤٩٤. (٧) انظر: "معاني القرآن" ٢/ ٣٧٠، انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٧٢. (٨) "الحجة" ١/ ٢٥٥.