٣٦ - قوله تعالى:{هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} معنى (هيهات): بَعُدَ الأمرُ جدًّا حتى امتنع.
وهو صوت بمنزلة صَهْ ومَهْ، إلا أن هذه الأصوات الأغلب عليها الأمر والنهي، وهذا في الخبر، ونظيره شتان، أي: بعد ما بينهما جدًا.
وهذا الذي ذكرنا هو معنى ما ذكره أبو علي في كتاب "الإيضاح". فإنه ذكر فيه باب الأسماء التي سميت بها الأفعال فذكر فيه (رويد) بمعنى: أروِد أي: أمهل، و (إيه) بمعنى: حدث، وصَه ومَهْ بمعنى: أُسكت. وقال: أكثر ما تستعمل هذه الأسماء في الأمر والنهي، وقد جاء شيء من ذلك في الخبر، وذلك قولهم: شتان زيد وعمرو، فهذا بمنزلة: بعد زيد وعمرو، وقالوا: سرعان ذا إهالة (٢)، بمعنى: سَرُع، وقالوا (٣): هيهات زيد،
(١) "الإغفال" للفارسي ٢/ ١١٠١ - ١١٠٣. (٢) سرعان -مثلثة السين- بمعنى: سرع، والإهالة: الودك. و (سرعان ذا إهالة) مثل أصله: أن رجلا كانت له نعجة عجفاء، ورُغامها يسيل من منخريها لهزالها، فقيل له: ما هذا الذي يسيل؟ فقال: ودكها. فقال السائل ذلك القول. وقيل إن أصل هذا المثل أن رجلاً كان يُحَمّق، اشترى شاة عجفاء يسيل رُغامها هزالا وسوء حال، فظن أنه ودك فقال: (سرعان ذا إهالة). و (إهالة) منصوب على الحال، و (ذا) إشارة إلى الرغام، أي: سرع هذا الرغام حال كونه إهالة وهو مثل يضرب لمن يخبر بكينونة الشيء قبل وقته. انظر: "مجمع الأمثال" للميداني ٢/ ١١ - ١١٢، "لسان العرب" ٨/ ١٥٢ (سرع)، "القاموس المحيط" ٣/ ٣٧، "تاج العروس" للزبيدي ٢١/ ١٨٦ (سرع). (٣) (قالوا): ساقطة من (أ).