وقد ثبت أن هيهات اسم سمي به الفعل وهو بعد في الخبر لا في الأمر كما عليه أكثر بابه، وتفسير هيهات: بَعُدَ، وليس له اشتقاق؛ لأنه بمنزلة الأصوات، وفيه زيادة معنى ليس في بَعُدَ، وهي أن المكلم بهيهات يخبر عن اعتقاده استبعاد ذلك الشيء الذي يخبر عن بُعْدِه، وكأنه بمنزلة أن تقول: بعد جدًّا وما أبعده، لا على أن يعلم المخاطب مكان ذلك الشيء في البعد فـ[حسب، كما لو قال: بعد زيد، يفهم من هذا أنه يخبر عن مكانه في البعد](٢). ففي هيهات زيادة معنى على بعد وإن كنا (٣) نفسره ببعد.
قال الفراء - في قوله:{هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ}: لو لم تكن اللام في (ما) كان صوابًا. ودخول اللام عربي، ومثله في الكلام: هيهات لك، وهيهات أنت منا، وهيهات لأرضك. وأنشد (٤):
(١) "الإيضاح العضدي" ص ١٩١. (٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ظ). (٣) في (ظ): (كان). (٤) البيت أنشده الفراء في "معانيه" ٢/ ٢٣٥ من غير نسبة، وروايته عنده: فأيهات أيهات العَقيقُ ومَن به ... وأيْهات وَصْل بالعقيق نواصله والبيت لجرير، وهو في "ديوانه" ٢/ ٩٦٥ بمثل رواية الفراء لكن فيه (تواصله) مكان (نواصله)، و"النقائض" لأبي عبيدة ٢/ ٦٣٢: و"الخصائص" لابن جني ٣/ ٤٢ بمثل رواية الواحدي لكن فيه (ومن به) مكان (وأهله). و"شرح المفصل" لابن يعيش ٤/ ٣٥ بمثل رواية الواحدي. و"اللسان" ١٣/ ٥٥٣ (هيه) بمثل رواية الواحدي لكن فيه (نحاوله) مكان (نواصله) قال أبو عبيدة في "النقائض" ٢/ ٦٣٢. والعقيق: وادٍ لبني كلاب بالعالية.