أي: تحسبها كأنها ساجدة، وليس للرؤية التي هي العلم هاهنا معنى فتأويل قوله:{وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ}(١): تحسبهم {يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ}؛ لأن لها أعينًا مصنوعة مركبة بالجواهر حتى يحسب الإنسان أنها تنظر إليه) (٢)، فمعنى الوجه الأول:{وَتَرَاهُمْ} يقابلونك، والوجه الثاني: تحسبهم يرونك {وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ}(٣).
١٩٩ - قوله تعالى:{خُذِ الْعَفْوَ}، قال أهل اللغة:(العفو (٤) الفضل وما أتى بغير كلفة). وقد ذكرنا هذا عند قوله:{قُلِ الْعَفْوَ}[البقرة: ٢١٩] في سورة البقرة.
قال مجاهد:(أمر أن يأخذ عفو أخلاق الناس)(٥)، وهو قول الحسن (٦) وعروة (٧) بن الزبير (٨) وقتادة (٩)، والمعنى: اقبل الميسور من
(١) لفظ: (إليك) ساقط من (ب). (٢) لم أقف عليه. (٣) والمعنى متقارب، قال الطبري ٩/ ١٥٣: (أي: يقابلونك ويحاذونك وهم لا يبصرونك لأنه لا أبصار لهم، وقيل: {تَرَاهُمْ} ولم يقل: تراها لأنها صور مصورة على صور بني آدم عليه السلام) اهـ. ونحوه قال ابن كثير في "تفسيره" ٢/ ٣٠٧، وانظر: "إعراب النحاس" ١/ ٦٥٩، والسمرقندي ١/ ٥٨٩، والبغوي ٣/ ٣١٦، وابن عطية ٧/ ٢٣٢، وابن الجوزي ٣/ ٣٠٧، والرازي ١٥/ ٩٥. (٤) هذا من "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٨٩ (عما). (٥) "تفسير مجاهد" ١/ ٢٥٣، وأخرجه الطبري ٩/ ١٥٣، وابن أبي حاتم ٥/ ١٦٣٧، والنحاس في "معانيه" ٣/ ١١٩ من طرق جيدة (٦) ذكره الماوردي ٢/ ٢٨٨، والواحدي في "الوسيط" ٢/ ٢٨٨، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ٣٠٧. (٧) عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، تقدمت ترجمته. (٨) أخرجه عبد الرزاق ١/ ٢/ ١٤٥، والطبري ٩/ ١٥٣ - ١٥٤ من طرق جيدة، وذكرِه ابن أبي حاتم ٥/ ١٦٣٧. (٩) لم أقف عليه.