وقال الشعبي: الحنث العظيم اليمين الغموس (٢)، وشرح أبو بكر الأصم (٣) هذا فقال: إنهم كانوا يقسمون أن لا بعث، وأن الأصنام أندادُ الله وكانوا يقيمون عليه، فذلك حنثهم (٤)، واختاره الزجاح فقال: ودليل ذلك قوله: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ}[النحل: ٣٨] فهذا -والله أعلم- إصرارهم على الحنث العظيم (٥)، ويدل على هذا ما ذكر الله تعالى من إنكارهم البعث وهو قوله:{وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا} الآية.
٥٥ - وما بعدها ظاهر إلى قوله:{فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} وقرئ شرب بضم الشين (٦) فقال الزجاج: الشَّرب المصدر، والشُّرب الاسم، قال: وقد قيل: إن الشرب أيضًا المصدر (٧). واختار أبو عبيد الفتح، وادعى أنه لغة النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قال لأيام التشريق:"إنها أيام أكل وشَرب"(٨).
(١) انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٣٣٦ - ٣٣٧. (٢) انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٢٨٦، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٢١٣. (٣) أبو بكر الأصم، شيخ المعتزلة. كان دينًا وقورًا صبورًا على الفقر، له تفسير، وكتاب "خلق القرآن"، وكتاب "الحجة والرسل". مات سنة ٢٠١ هـ انظر: "سير أعلام النبلاء" ٩/ ٤٠٢، و"الفهرست" ص ٢١٤. (٤) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٢١٣. (٥) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ١١٣. (٦) قرأ نافع وعاصم وحمزة وأبو جعفر: {شُرْبَ} بضم الشين، والباقون بفتحها. انظر: "حجة القراءات" ص ٦٩٦، و"النشر" ٢/ ٣٨٣، و"الإتحاف" ص ٤٠٨. (٧) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ١١٣. (٨) "صحيح مسلم": كتاب: الصيام، باب: تحريم صوم أيام التشريق ٢/ ٨٠٠, و"مسند أحمد" ٤/ ١٥٢.