حاله وصفته، والثاني: أنه ذَكر فاحشَ ما ارتكب من تضييع حق نعمة الله بالخصومة في الكفر به (١).
٥ - قوله تعالى:{وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا}، يعني الإبل والبقر والغنم، وتم الكلام ثم ابتدأ فقال:{لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ}، ويجوز أن يكون تمام الكلام عند قوله:{لَكُمْ} ثم يبتدئ فيقول: {فِيهَا دِفٌ}.
قال صاحب النظم: أحسن الوجهين أن يكون الوقف عند قوله: {خَلَقَهَا}؛ لقوله في النسق على ما قبلها:{وَلَكُم فِيهَا جَمَال}(٢).
وأما الدفء، فقال الفراء وجميع أهل اللغة: هو ما انتفع به من أوبارها وأشعارها وأصوافها، أراد ما يلبسون منها ويبتنون (٣)، فالدفء عند أهل اللغة: ما يُستدفأ به من الأكسية والأبنية (٤)، قال الأصمعي: ويكون الدفء السخونة، يقال: اقعد في دفء هذا الحائط، أي في كنّه (٥)، وقال الفراء في المصادر: يقال للرجل: دَفَيْت فأنت تدفأ دَفْأً، ساكنة الفاء مفتوحة الدال، ودِفْآء بالكسر والمد، وزاد غيرُه دَفاءةً ودَفاءً.
(١) ورد بنحوه في "تفسير الماوردي" ٣/ ١٧٩، عن الحسن، والطوسي ٦/ ٣٦١. (٢) أي أنه نسق {وَلَكُم فِيهَا جَمَال} على {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ}، ولو وقف على {خَلَقَهَا لَكُمْ} لتعذر هذا العطف. وقد نقل الفخر الرازي ١٩/ ٢٢٧، والخازن ٣/ ١٠٦، قول صاحب النظم، وعزياه للواحدي -رحمه الله-. (٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٩٦، مختصرًا، وورد بنصه في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٠٣ (دفأ)، وهذا يؤكد نقله من التهذيب لا المعاني، وانظر: (دفأ) في "مقاييس اللغة" ٢/ ٢٨٧، و"الصحاح" ١/ ٥٠، و"اللسان" ٣/ ١٣٩٣. (٤) انظر: (دفأ) في "المحيط في اللغة" ٩/ ٣٦٩، و"مقاييس اللغة" ٢/ ٢٨٧، و"الصحاح" ١/ ٥٠، و"اللسان" ٣/ ١٣٩٣, و"عمدة الحفاظ" ٢/ ١٣. (٥) ورد في "تهذيب اللغة" (دفأ) ٣/ ١٢٠ بنصه، وانظر: "تفسير الفخر الرازي" ١٩/ ٢٢٧.