وهذا باب قد مرّ منه كثير، فيكون معنى الآية: أنزلهم المدينة وأطعمهم الغنيمة، وهذا الوجه اختيار الفراء؛ لأنه قال في هذه الآية: نزول المدينة ولنُحَلِّلنَّ لهم الغنائم (١)، وعلى هذا التفسير حذف من الآية شيئان: المفعول الثاني للتَّبوِئة، والفعل الناصب للحسنة.
وقوله تعالى:{وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} قال ابن عباس: يريد أن أمر الجنّة أعظم وأكثر (٢) من أن يعلمه أحدٌ ويقدر أحدٌ على وصفه (٣)، وما ظنُّك بما قال الله له: أكبر.
٤٢ - قوله تعالى:{الَّذِينَ صَبَرُوا}، في محل {الَّذِينَ} وجوه: أحدهما: أن يكون بدلاً من المضمر في: {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ}، ويجوز أن يكون على تقدير: هم الذين، قال ابن عباس: أثنى عليهم ومدحهم بالصبر، فقال:{الَّذِينَ صَبَرُوا} يريد على دينهم وعلى عذاب المشركين إيّاهم، وهم في ذلك واثقون بالله متوكلون عليه.
٤٣ - قوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ} قال المفسرون (٤): إن مشركي مكة أنكروا نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم-، قالوا: الله أعظم من
= وبرواية أخرى للصدر: لما حَطَطْتُ الرحْلَ عنها واردًا ... عَلَفْتُها تبنًا وماءً باردًا (شتت) بمعنى أقامت شتاء، يقال: شتا بالبلد: أقام به شتاءً، (همَّالة عيناها) من هملَت العينُ؛ إذا صبَّت دمعها وفاضت وسالت. والشاهد: حذف وسقيتها ماءً، اكتفاءً بالأول؛ وهو: علفتها. (١) "معانى القرآن" للفراء ٢/ ١٠٠، بنصه. (٢) في جميع النسخ: (أكثر)، وفي تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي ٢/ ٣٩٦، (أكبر). (٣) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي ٢/ ٣٩٦، بنصه تقريبًا، وانظر: "تفسير ابن الجوزي" ٤/ ٤٤٨، مختصرًا. (٤) ساقط من (د).