وذهب قوم إلى أنهم كما يعاقبون في الإساءة يجازون بالإحسان، وهو مذهب مالك وابن أبي ليلى (١) قال الضحاك: الجن يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون (٢).
٣٣ - قوله تعالى:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ} قال مقاتل (٣): نزلت في أبي بن خلف الجمحي حين أنكر البعث، وقد مضت القصة في آخر سورة يس [آية: ٧٧](٤).
واختلفوا في وجه دخول الباء في قوله:{بقادر} وهو خبر (أن) والباء لا تدخل في خبرها، فقال أبو عبيدة: مجازها قادر، والعرب تؤكد الكلام بالباء وهي مُسْتغنًى عنها (٥).
وقال الأخفش: هذه الباء كالباء في قوله: {فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}[يونس: ٢٩] وقوله: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ}(٦)[المؤمنون: ٢٠] فعلى قولهما الباء زائدة مؤكدة.
(١) ذكر ذلك الثعلبي في تفسيره. انظر: ١٠/ ١٢٠ أ، والبغوي في "تفسيره" ٧/ ٢٧٠، والقرطبي في "الجامع" ١٦/ ٢١٨. (٢) أخرج ذلك الثعلبي عن الضحاك. انظر المراجع السابقة. وقال ابن كثير في تفسيره: والحق أن مؤمنيهم كمؤمني الإنس يدخلون الجنة كما هو مذهب جماعة من السلف، وقد استدل لهذا بقوله -عز وجل-: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ}، وفي هذا الاستدلال نظر. وأحسن منه قوله جل وعلا: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} .. ٦/ ٣٠٥. (٣) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٣٠. (٤) أخرج ذلك الطبري عن مجاهد. انظر: "تفسيره" ١٢/ ٣٠، وأورده الواحدي في "أسباب النزول" ص ٣٨٥، والبغوي في "تفسيره" ٧/ ٢٨. (٥) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٢١٣. (٦) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ٢/ ٦٩٤.