وقوله تعالى:{فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} يقال: بَهَتَه يَبْهَتُه بَهْتًا وبُهْتانًا: إذا واجهه بالكذب عليه، هذا هو الأصل، ثم تُسمَّى الحَيْرةُ عند استيلاء الحجة بُهْتًا لأنها كحيرة المواجَه بالكذب، وفيه ثلاث لغات: بُهِت الرجل فهو مبهوت، وبَهِت، وبَهُتَ، قال عروة العذري (١):
فما هو إلا أن أرَاهَا فُجاءةً ... فَأُبْهَتُ حَتّى ما أكادُ أُجِيْبُ (٢)
أي: أتحير وأسكت (٣).
وتأويل قوله (٤): فبهت أي: انقطع وسكت (٥).
٢٥٩ - قوله تعالى:{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ} الآية. قد ذكرنا أن هذه الآية معطوفة على ما قبلها في المعنى، كأنه قيل: أرأيت (٦) كالذي حاج، أو كالذي مر (٧)، والعرب تحمل على المعاني كثيرًا (٨)، قال الفرزدق:
(١) هو عروة بن حزام بن مهاجر العذري، من بني عذرة شاعر من متيمي العرب، له ديوان شعر صغير، توفي في حدود ٣٠ هـ ينظر: "الشعر والشعراء" ٣/ ٤, "الأعلام" ٤/ ٢٢٦. (٢) البيت في "ديوانه" ص ٢٨، وفي "خزانة الأدب" ٨/ ٥٦٠ وُيعْزى لكُثَيِّر عزة في "ديوانه" ص ٥٢٢، وُيعْزى أيضًا للمجنون في "ديوانه" ص ٤٩، ولم ينسبه في "معاني القرآن" للأخفش، ولا الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٤٩٣ وعزاه في الكتاب ٣/ ٥٤ لبعض الحجازيين، وللأحوص في ملحق، "ديوانه" ص ٢١٣. (٣) ينظر في بهت: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٤١، "تهذيب اللغة" ١/ ٤٠٠، "المفردات" ٧٣، "اللسان" ١/ ٣٦٨. (٤) ساقط من (ي). (٥) من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٤١، ولفظه: انقطع وسكت متحيرًا. (٦) ساقط من (م). (٧) من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٣٤٢. (٨) ينظر: "البحر المحيط" ٢/ ٢٩٠، وقال: والعطف على المعنى نصوا على أنه لا ينقاس.