وقوله تعالى:{لَا يَرْجِعُونَ} أي إلى الإسلام، أو عن الجهل والعمى (٢). قال محمد بن جرير: هذه الآية معناها التقديم والتأخير، والتقدير (وما كانوا مهتدين صم بكم ...) الآية، {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي}[البقرة: ١٧]، {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ}[البقرة: ١٩]، مثل آخر عطف على الأول.
قال: لأن قوله {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ}[البقرة: ١٧] في الآخرة، إذا قلنا: إنه وصف المنافقين (٣)، والخبر بأنهم صم بكم في الدنيا، فلهذا قلنا: إن هذا على التقَديم والتأخير (٤). وقال غيره: يجوز أن يعترض ذكر حالهم في الدنيا بعد وصف حالهم في الآخرة.
١٩ - قوله تعالى:{أَوْ كَصَيِّبٍ}. {أَوْ} دخلت هاهنا للإباحة (٥)، لا للشك (٦)، ومعناه أن التمثيل مباح لكم، إن مثلتموهم بالذي استوقد نارا، فهو مثلهم، [أو بأصحاب الصيب فهو مثلهم](٧)، أو بهما جميعا فهما مثلاهم (٨)، كما تقول: جالس الحسن أو ابن سيرين، إن (٩) جالست
(١) انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٤٦، (تفسير أبي الليث) ١/ ٩٩، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٦٩، (تفسير أبي الليث) ١/ ٥٤ أ، "البحر" ١/ ٨١، ٨٢. (٢) انظر "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٤٦، والثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٤ أ. (٣) في (ج) (للمنافقين). (٤) ذكر كلام ابن جرير بمعناه انظر (تفسيره) ١/ ١٤٦. (٥) وقيل: للتخيير، انظر "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٩، وابن عطية في "تفسيره" ١/ ١٨٩، "القرطبي" في "تفسيره" ١/ ١٨٦، "الدر المصون" ١/ ١٦٧، "الكشاف" ١/ ٢١٣. (٦) ذكر السمين الحلبي أحد الأقوال فيها: أنها للشك. "الدر المصون" ١/ ١٦٧. (٧) ما بين المعقوفين ساقط من (ب). (٨) في (ج) (مثالهم). (٩) في (ب) (إذا).