وقوله تعالى:{وَأَنتُم ظَالِمُونَ} أي: ضارون لأنفسكم، وواضعون العبادة في غير موضعها (١). وقيل: وأنتم ظالمون اليوم بمخالفة محمد صلى الله عليه وسلم (٢).
٥٢ - قوله تعالى:{ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} قال الليث: كل من استحق عقوبة فتركته (٣) فقد عفوت عنه (٤). فكأن معنى العفو عنده: الترك، ومنه قوله:{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}[البقرة: ١٧٨]، أي ترك (٥).
وقال ابن الأنباري: أصل: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ}[التوبة: ٤٣] محا الله عنك، مأخوذ من قولهم: عفت الرياح الآثار، إذا درستها ومحتها، فعفت تعفو عفوا، لفظ (٦) اللازم والمتعدى سواء (٧) إلا في المصدر (٨). فعفو الله
(١) "تفسير الثعلبي" ١/ ٧١ ب، وانظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٨٤. و"تفسير البغوي" ١/ ٩٥، و"لباب التفسير" ١/ ٢٣٩، و"تفسير الرازي" ٣/ ٧٦، "البحر المحيط" ١/ ٢٠١، و"تفسير البيضاوي" ١/ ٢٥، و"تفسير النسفي" ١/ ٤٣، و"تفسير الخازن" ١/ ١٢٥. (٢) لم أجد من ذكر هذا القول -فيما اطلعت عليه- ومعناه يرجع للقول الأول، والله أعلم. (٣) في (ب): (فتركة عنه) وفي "تهذيب اللغة" (عفا) ٣/ ٢٤٨٩. (٤) "تهذيب اللغة" (عفا) ٣/ ٢٤٨٩. وانظر: "تفسير أسماء الله" للزجاج ص ٦٢، "اشتقاق أسماء الله" للزجاجي ص ١٣٤. (٥) وقيل: إن معنى (فمن عفي): فمن فضل له فضل، انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٠٧ - ١٠٩، وانظر كلام الأزهري على الآية في "تهذيب اللغة" (عفا) ٣/ ٢٢٦. (٦) في (ب): (اللفظ). (٧) "تهذيب اللغة" (عفا) ٣/ ٢٤٨٩، "اللسان" (عفا) ٥/ ٣٠١٨، وانظر "الأضداد" لابن الأنباري: ص ٨٦، "الزاهر" ١/ ٥٣٥. (٨) قوله: (إلا في المصدر) لم يرد ضمن كلام ابن الأنباري في "تهذيب اللغة"، قال الأزهري وقرأت بخط شمر لأبي زيد: عفا الله عن العبد عفوا، وعفت الرياح الأثر عفاء، فعفا الأثر عفوا "تهذيب اللغة" (عفا) ٣/ ٢٤٨٩.