[محمد:١٩] وكقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا}[النساء: ١٣٦]، في أحد الوجهين (١). وعند أصحاب هذا القول، لا يجوز على الأنبياء في سابقة حالهم الشرك والكبائر، بل عصمهم الله سبحانه ودفع عنهم مالم يدفع عن غيرهم. فأما محمد - صلى الله عليه وسلم - فعامة أصحابنا: على أنه ما كفر بالله طرفةَ عينٍ، ولا كان مشركًا قطُّ. ثم قال بعضهم: كان قبل البَعْث على دين عيسى، ومنهم من قال: كان يعبد الله تعالى على دين إبراهيم. قال ابن كيسان: معنى (أسلم): أخلِصْ دينك لله بالتوحيد (٢) فيكون أصل الإسلام على هذا القول: من السلامة، كأنه يخلص دينه فيسلم من الشرك، والشك، وقال عطاء: أسلِمْ نفسَك إلى الله وفوِّض أمورَك إليه (٣).
وقوله تعالى:{قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} قال ابن عباس: في رواية عطاء: يريد بقلبه ولسانه وجوارحه، فلم يعدل بالله شيئا، ورضي أن يُحرَق بالنار في رضى الله تعالى، ولم يستعن بأحد من الملائكة (٤).
١٣٢ - قوله تعالى:{وَوَصَّى} يقال: وصَّى يُوَصّي توصية (٥)، يكونُ المصدر منه على تفعلة، ولا يكون على تفعيل؛ لأنك لو جئت به على تفعيل
(١) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٩٦، "تفسير الفخر الرازي" ٤/ ٧١. (٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٩٥، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٥، والبغوي ١/ ١٥٣، والقرطبي ٢/ ١٢٣، وهذا اختيار ابن كثير ١/ ١٩٨، وذكره أبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٦. (٣) ذكره عنه الثعلبي ١/ ١١٩٥، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٢١٦، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٣ وأبو حيان في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٥. (٤) ذكره الواحدي في "الوسيط" بنحوه، وذكره البغوي في "تفسيره" ١/ ١٥٣. (٥) المادة المذكورة في "الحجة" لأبي علي الفارسي ٢/ ٢٢٧ - ٢٢٨، "اللسان" ٨/ ٤٨٥٣ - ٤٨٥٤ (وصى).