{فَإِنِ انْتَهَوْا} أي: عن الكفر (٢){فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} أي: الكافرين الواضعين العبادة في غير موضعها (٣)، والذي عليهم إنما سماه عدوانًا على معنى الجزاء والقصاص؛ لأن ما يكون منهم عُدوان فسمي الذي عليهم عدوانًا، كقوله:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[الشورى: ٤٠] وذلك أنه في صورة العدوان من حيث إنه قَتلٌ ونهبٌ واسترقاقٌ (٤).
١٩٤ - قوله تعالى:{الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ} قال المفسرون: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - صُدّ عام الحديبية سنة ستٍ، ثم عاد في سنة سبع، ودخل مكة وقضى العُمرة في ذي القَعدة، فأنزل الله هذه الآية، يريد: ذو القعدة، الذي دخلتم فيه مكةَ، واعتمرتم {بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ}: ذي القعدة، الذي صددتم فيه عن البيت، يعني: أن هذا جزاء ذاك وبدله. وتأويله: العمرة في الشهر
= من أهل "الكتاب" دون غيرهم، قال القرطبي في "تفسيره" ٢/ ٣٥٣: وقاتلوهم، أمر بالقتال لكل مشرك في كل موضع، على من رآها ناسخة، ومن رآها غير ناسخة قال: المعنى: قاتلوا هؤلاء الذين قال الله فيهم: فإن قاتلوكم، والأول أظهر، وهو أمر بقتال مطلق لا بشرط أن يبدأ الكفار، وقد بين في "زاد المسير" ١/ ٢٠٠ بأن القول بالنسخ إنما يستقيم إذا قلنا إن معنى الكلام: فإن انتهوا عن قتالكم مع إقامتهم على دينهم، وأما إذا قلنا: إن معناه: فإن انتهوا عن دينهم، فالآية محكمة. (١) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١٩٥، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٤١٢. (٢) في "تفسير الثعلبي" ٢/ ٤١٣: فإن انتهوا عن القتال والكفر. (٣) "تفسير الثعلبي" ٢/ ٤١٣، "تفسير البغوي" ١/ ٢١٤، أو من بدأ بقتال على التأويل الثاني. ينظر: "تفسير القرطبي" ٢/ ٣٥٤. (٤) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ١٩٥، ١٩٦، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٦٥، "تفسير الثعلبي" ٢/ ٤١٣، "تفسير القرطبي" ٢/ ٣٣٢.