١٥٧ - قوله تعالى:{أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ} قد ذكرنا معنى الصلاة واشتقاقها فيما تقدم (١)، وهي في اللغة: الدعاء، ومنه قوله:{وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} يسكنهم (٢).
وقال أبو عبيدة:{أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ} يقول: ترحّم من ربهم (٣)، واحتجّ بقول الأعشى:
تقولُ بنتي وقد قَرّبْتُ مُرْتَحِلًا ... يا رَبِّ جَنِّبْ أَبِي الأوصابَ والوجعا
يروى (مثل) رفعًا ونصبًا، فمن نصب فهو إغراء، ومن رفع فهو ردّ عليها، كأنه قال: عليك مثل دعائك، أي: ينالك من الخير مثل الذي أردت لي. فأبو عبيدة يجعل صليت بمعنى: ترحمت، وغيره من أهل اللغة يجعله بمعنى: دعوت، وأحدهما يقرب من الآخر؛ لأن المترحم على الإنسان داعٍ له، والداعي للإنسان مترحّم عليه (٥)، ولهذا المعنى كان الصلاة منّا دعاء،
(١) تقدم ذلك عند قوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} [البقرة: ٣]. (٢) ينظر في معنى الصلاة: "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٣١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٨٠، "المفردات" ص ٢٨٧ قال: .. والصلاة، قال كثير من أهل اللغة: هي الدعاء والتبريك والتمجيد، يقال: صليت عليه، أي دعوت له وزكيت وصلوات الرسول، وصلاة الله للمسلمين هو في التحقيق تزكيته إياهم، ومن الملائكة هي الدعاء والاستغفار كما هي من الناس. (٣) "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ص ٦١ - ٦٢. (٤) البيتان في "ديوانه" ص ١٠٦، وفي "الخزانة" ١/ ٣٥٩، و"مراتب النحويين" ص ١٩٤. (٥) سقطت من (م).