٨٣ - قوله تعالى:{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} اختلف النحويون (١) في محل قوله: لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ. فقال قطرب (٢)(٣): يجوز أن يكون (٤) حالًا كأنه أخذ ميثاقهم موحدين. وكذلك {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ}[البقرة: ٨٤] أي: غير سافكين، فيكون حالًا من المخاطبين، ويكون موضعه نصبًا، كأنه قيل: أخذنا ميثاقكم غير عابدين إلا الله، أو موحدين.
وقال الكسائي: يجوز أن يكون {لَا تَعْبُدُونَ} و {لَا تَسْفِكُونَ} في تقدير: لا تعبدوا، وكأن التقدير: أخذت ميثاقكم بأن لا تسفكوا (٥) إلا أنه لما حَذَفَ (أن) ارتفع الفعل، كقوله:{أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ}(٦)[الزمر: ٦٤].
وأنكر المبرد هذا القول، وقال: هو خطأ من وجهين: أحدهما: أن كل ما أضمر في العربية فهو يعمل عمله مُظْهَرًا، كقولهم: وبلدٍ قطعت، يراد: ورُبَّ بلد قطعت (٧)(٨)، وكقوله (٩) تعالى: {نَاقَةَ الله} [الشمس:
(١) ذكر في "البحر المحيط" ١/ ٢٨٢ ثمانية أقوال في إعراب الآية. (٢) محمد بن المستنير بن أحمد البصري، أبو علي المعروف بقطرب. (٣) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٢٨٢. (٤) في (ش): (تكون). (٥) ساقطة من: (أ) و (م) من قوله: (غير عابدين). (٦) نقله عن الكسائي الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١٠١٣، وينظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٣٣، "تفسير الطبري" ١/ ٣٨٨ - ٣٨٩، "البيان" لابن الأنباري ١/ ١٠١، "البحر المحيط" ١/ ٢٨٣. (٧) مقولة المبرد نقلها القرطبي في "تفسيره" ٢/ ١٣. (٨) ساقطة من: (أ) و (م). (٩) في (م): (وقوله).