والثاني: أنه لا يجوز حذف الموصول في شيء من الكلام.
وليس الأمر على ما قاله المبرد، فقد أجاز قولَ الكسائي: الأخفشُ والفراءُ وقطرب والزجّاج وعلي بن عيسى (١)(٢)، ودعواه أن كل ما أضمر في العربيّة فهو يعمل عمله مظهرًا ليس كذلك، وهو على ضربين: منه ما هو على ما ذكر، ومنه ما ليس كذلك (٣)، كحروف الجر إذا حذفت وهي تزاد، كقوله:
أمرتك الخير (٤) ..... البيت
يريد بالخير، وقال الله تعالى:{وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ}[الأعراف: ١٥٥] فلما حَذف مِنْ وصل الفعل فنصب. كذلك هاهُنا لمّا حذف (أن) وصل
(١) ينظر في الأقوال في المسألة: "معاني القرآن" للفراء ١/ ٥٣ - ٥٤، "معاني القرآن" للأخفش ١/ ١٢٦، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٦٢، "البحر المحيط" ١/ ٢٨٢ - ٢٨٣. (٢) هو: علي بن عيسى بن الفرج بن صالح، أبو الحسن الربعي النحوي، صاحب أبي علي الفارسي، درس النحو وتفنن فيه حتى ما بقي له شيء يحتاج أن يسأل عنه، من مؤلفاته: "شرح مختصر الجرمي"، توفي سنة هـ ٤٢٠ ص. وينظر "إنباه الرواة" ٢/ ٢٩٧، و"تاريخ بغداد" ١٢/ ١٧ - ١٨. (٣) في (أ): (كذلك) مكررة. (٤) البيت: لعمرو بن معد يكرب، وتتمته: أمرتُك الخيرَ فافعل ما أُمِرتَ به ... فقد تركتُك ذا مالٍ وذا نَشَبِ "مغني اللبيب" ١/ ٣١٥، وقد عزاه في "الكتاب" ١/ ٣٧ لعمرو بن معدي كرب الزبيدي، واختلف في قائله كما في "الخزانة" ١/ ١٦٤ - ١٦٦، والنشب: المال الثابت كالضياع ونحوها، من نشب الشيء، والمال: الإبل أو هو عام، والشاهد فيه: أمرتك الخير أراد: أمرتك بالخير.