وقال الكلبي: وهذا خاص لمن كان منهم مطيعًا (١). وعلى هذا لفظ الآية عام، ومعناها الخصوص (٢).
وقال أبو إسحاق: معنى {قَانِتُونَ} مطيعون طاعة لا يجوز أن يقع معها معصية؛ لأن القنوت: القيام بالطاعة، ومعنى الطاعة هاهنا: أن من في السموات والأرض مخلوقون كما أراد الله -عز وجل-، لا يقدر أحد على تغيير الخِلقة، ولا مَلَك مقرب، فآثار الصَنعة والخِلقة تدل على الطاعة؛ ليس يعني بها طاعة العباد، إنما هو: طاعة الإرادة والمشيئة (٣). وهذا معنى قول ابن عباس: كل له مطيعون في الحياة والبقاء والموت والبعث، وإن عصوا في العبادة (٤). وهذا مفسر في سورة البقرة (٥).
= الصلاة، طول القيام، السكوت. الزاهر في "معاني كلمات الناس" ١/ ٦٨. (١) "تنوير المقباس" ص ٣٤٠. (٢) قال ابن جرير ٢١/ ٣٥: "وقال آخرون: هو على الخصوص، والمعنى: وله من في السموات والأرض من ملك وعبد مؤمن لله مطيع دون غيرهم". ثم ذكر معناه بإسناده عن ابن زيد. (٣) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٨٣. (٤) أخرجه ابن جرير ٢١/ ٣٥. (٥) قال الواحدي في تفسير قول الله تعالى: {كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} [البقرة: ١١٦]: قال مجاهد وعطاء والسدي: مطيعون. قال أبو عبيد: أجل القنوت في أشياء؛ منها: القيام، وبه جاءت الأحاديث في قنوت الصلاة؛ لأنه إنما يدعو قائمًا .. والقنوت أيضًا: الطاعة .. قال الزجاج: المشهور في اللغة أن القنوت الدعاء، وحقيقة القانت أنه القائم بأمر الله .. قال ابن عباس في هذه الآية: قوله: {كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} راجع إلى أهل طاعته، دون الناس أجمعين. وهو من العموم الذي أريد به الخصوص، وهو اختيار الفراء.