قال أبو عبيد: وتقول في الكلام: (لَئِن أحسنتَ إِليَّ؛ لأحْسِنَنَّ إليك) -بالنُّونِ-. فإذا حُلْت بينهما بالصفة (١)، قلت:(لَئِن أحسنتَ إليَّ، لإليكَ أُحْسِن) -بغير نُونِ-. كما في الآية-، لأن اللام قد تحولت إلى الصفة (٢).
١٥٩ - قوله تعالى:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ}.
أكثر النحويِّينَ على أنَّ (ما) -ههنا- صِلَةٌ (٣)، لا تمنع الباءَ مِن عَمَلِها فيما عملت فيه، وهي مع كونها صلةً، تُحْدِثُ معنى التأكيد (٤) وحُسْن النَّظْم. وهي كثيرةٌ في القرآن؛ كقوله:{عَمَّا قَلِيلٍ}[المؤمنون: ٤٠]، و {جُندٌ مَّا}[ص: ١١]، {فبَمَا نَقضِهِم}[النساء: ١٥٥]، {مِمَّا خَطَايَاهُمْ}(٥)[نوح: ٢٥].
(١) (بالصفة): ساقطة من (ج). ويعني بـ (الصفة): حرف الجَرِّ. (٢) انظر: "الأصول في النحو" ٢/ ١٦٦، و"البسيط في شرح جمل الزجاجي" ٢/ ٩١٩. (٣) (صلة)؛ بمعنى زيادة. (٤) في (ب): (التوكيد). (٥) المؤلف -هنا- أوردها على قراءة أبي عمرو: {خَطَايَاهُم}. وقرأ الباقون: {خَطِيئَاتِهِمْ}. انظر: "الكشف" لمكي ٢/ ٣٣٧، و"إتحاف فضلاء البشر" (٤٢٥). وممن ذهب إلى كون (ما) -هنا- (صِلَة): الفراء في: "معاني القرآن" ١١٤، والمبرد في "الكامل" ١/ ٣٤٢، والطبري في "تفسيره" ٤/ ١٥٠، وكراع النمل في "المنتخب" ٢/ ٦٨٧، والزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٤٨٢، وابن شقير في "المحلى ووجوه النصب" ٢٩٠، وابن جني في "سر صناعة الإعراب" ١/ ٢٦١، والثعلبي في "تفسيره" ٣/ ١٣٦ أ، والسفاريني في "لباب الإعراب" ٤٦٣. قال الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٤٨٢: "ما" بإجماع النحويين -هنا- صِلَةٌ، لا تمنع الباء من عملها فيما عملت.