فإن قيل: الله تعالى أخبر (١) أن (٢) إبراهيم كان (٣) مُسْلِمًا، فهل كان إبراهيم على جميع ما نحن عليه من شريعة الإسلام؟ قيل: إنه كان مسلما، وإن كان على بعض شريعتنا؛ لأنَّ تلاوة القرآن واجبة في صلاتنا، ولم ينزل القرآن إلاَّ على نبينا - صلى الله عليه وسلم - (٤)، والدليل على أنه كان مسلما بإقامة بعض الشريعة: أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا مسلمين في الابتداء قبل استكمال الشريعة (٥).
٦٨ - قوله تعالى:{إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ}. أَوْلَى: أفْعَل؛ من (الوَلْي)؛ الذي هو: القُرْبُ (٦)؛ أي: أقرب الناس إلى إبراهيم، وأحقهم به: الذين (٧) اتَّبعوه على دينه ومِلَّتِه. {وَهَذَا النَّبِيُّ}. يعني: محمدًا - صلى الله عليه وسلم -. {وَالَّذِينَءَامَنُوا} يعني: بمحمد (٨) - صلى الله عليه وسلم -. من المهاجرين والأنصار والتابعين.
قال الزجاج (٩): أي: فهم الذين ينبغي أن يقولوا: إنَّا على دين
(١) في (ب): (أخبر الله تعالى). (٢) في (ج): (عن). (٣) في (ج): (أنه كان). (٤) يعني المؤلف بقوله هذا: أن إبراهيم عليه السلام كان مسلما، وإن لم توافق فروع شريعته جميع فروع شريعتنا، حيث لا يمكن ذلك بوجه أصلا، فَمِنْ فروع شريعتنا: وجوب تلاوة القرآن في صلاتنا، ولم يكن ذلك من فروع شريعته؛ لأن معروف بديهة أن القرآن نزل على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولم ينزل على نبي غيره. (٥) انظر بيان ذلك في "روح المعاني" ٣/ ١٩٦. (٦) انظر: "تهذيب اللغة" ١٥/ ٤٤٨ (ولي)، "المجمل" ٩٣٦ (ولي). (٧) في (ب)، (ج)، (د): (للذين). (٨) في (ج)، (د): (لمحمد). (٩) في "معاني القرآن" له ١/ ٤٢٧، نقله عنه بنصه.