وقوله تعالى:{أَفَلَا يَعْقِلُونَ}(١) معناه: أفلا يعقل الذين يتقون أن الدار الآخرة خير لهم من هذه الدار، فيعملوا لما ينالون به الدرجة الرفيعة والنعيم الدائم، فلا يفترون في طلب ما يوصل إلى ذلك (٢).
وقرئ:{أَفَلَا تَعْقِلُونَ} بالتاء (٣) على معنى قل لهم (٤): {أَفَلَا تَعْقِلُونَ}، أو يكون قد وجه الخطاب في ذلك إلى الذين خوطبوا، أي {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} أيها المخاطبون أن ذلك خير (٥).
٣٣ - قوله تعالى:{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ}. معنى {قَدْ} هاهنا التوقع (٦)، كقولك: قد ركب الأمير، لقوم يتوقعون ذلك، كأن
(١) في (ش): (تعقلون)، وهي قراءة سبعية. (٢) هذا قول أبي علي الفارسي في "الحجة" ٣/ ٢٩٧، في توجيه القراءة بالياء. وانظر: الطبري ٧/ ١٨٠، والبغوي ٣/ ١٣٩. (٣) قرأ ابن عامر ونافع وحفص عن عاصم: (تعقلون) بالتاء، والباقون بالياء. انظر: "السبعة" ص ٢٥٦، و"المبسوط" ص ١٦٧، و"التذكرة" ٢/ ٣٩٧، و"التيسير" ص ١٠٢، و"النشر" ٢/ ٢٥٧. (٤) في (أ): (على معنى وقل لهم). (٥) هذا قول أبي علي في "الحجة" ٣/ ٢٩٧ - ٣٠٠، وانظر: "معاني القراءات" ١/ ٣٥٠، و"إعراب القراءات" ١/ ١٥٥، و"الحجة" لابن خالويه ص ١٣٨، ولابن زنجلة ص ٢٤٦، و"الكشف" ١/ ٤٢٩، و"تفسير ابن عطية" ٦/ ٣٨، و"البحر" ٤/ ١١٠، و"الدر المصون" ٤/ ٦٠٠، ونقل قول الواحدي الرازي ١٢/ ١٦٧. (٦) قد: للتوقع مع المضارع، وكذلك مع الماضي عند الأكثر، وقال ابن هشام في "المغني" ١/ ١٧١: هي مع الماضي للتقريب؛ لأنها تدخل على ماضٍ متوقع. وانظر: "المقتضب" ٢/ ٣٣٤، و"حروف المعاني" للزجاجي ص ١٣، و"معاني الحروف" للرماني ص ٤٤٥، و"رصف المباني" ص٤٤٥، وقال السمين في "الدر" ٤/ ٦٠١: (قد هنا حرف تحقيق) ا. هـ. وانظر. "الكشاف" ٢/ ١٤، وابن عطية ٥/ ١٨٠، و"البيان" ١/ ٤٩١، و"الفريد" ٢/ ١٤١، و"البحر" ٤/ ١١٠.