وقال قتادة: هم الكهنة تسترق الجن السمع ثم يأتون (١) إلى أوليائهم من الإنس (٢). وقال أبو إسحاق: قال الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ثم قال: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} ثم قال: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ} كالمتصل بهذا. ثم أعلم أن الشياطين على من تنزل فقال:{تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ}(٣).
٢٢٣ - قوله:{يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ} أي: يلقون ما سمعوه إلى الكهنة (٤).
وقال الفراء: يلقون إلى كهنتهم السمع الذي سمعوا {وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ}(٥)؛ لأنهم يخلطون به كذبًا كثيرًا. وهذا كان قبل أن أوحي (٦) إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعد ذلك:{فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا}[الجن: ٩].
قال الكلبي: يستمعون إلى السماء فيأتون بما استمعوا إلى كهنتهم (٧).
(١) في نسخة (ج): يلقون. (٢) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٧٨. وعنه ابن جرير ١٩/ ١٢٥. ويشهد له حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها: سَأَلَ أُنَاسٌ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْكُهَّانِ فَقَالَ: (إنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَىْءٍ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله فَإِنَهُمْ يُحَدِّثُونَ بِالشَّىْءِ يَكُونُ حَقَّا قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ فَيُقَرْقِرُهَا في أُذُنِ وَليِّهِ كَقَرْقَرَةِ الدَّجَاجَةِ فَيَخْلِطُونَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كذْبَةٍ) أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، رقم: ٧٥٦١، الفتح ١٣/ ٥٣٥. ومسلم ٤/ ١٧٥٠، كتاب السلام، رقم: ٢٢٢٨. (٣) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٠٤. (٤) قال مجاهد: "الشيطان ما سمعه ألقاه {عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} ". "تفسير مجاهد" ٢/ ٤٦٧. وأخرج نحوه ابن جرير ١٩/ ١٢٦. (٥) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٨٥. (٦) هكذا في جميع النسخ. (٧) "تنوير المقباس" ٣١٥.