القراء هاهنا على الضم لأنه من السُّخرة وانقياد بعضهم لبعض في الأمور، التي لو لم يَنْقَدْ فيها بعضهم لبعض لم يلتئم قوام العالم (١).
قوله تعالى:{وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} قال مقاتل: يعني الجنة للمؤمنين خير مما يجمع الكفار من الأموال (٢)، وهذا القول اختيار أبي إسحاق فقال: أعلم الله أن الآخرة أحظ من الدنيا (٣)، وقال ابن عباس: والنبوة من ربك خير مما يجمعون من الدنيا، والرحمة على هذا القول: النبوة (٤) وهو أولى لقوله: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} ولم يختلفوا أنها بمعنى النبوة، كذلك التي في آخر الآية، والمعنى على هذا: أن النبوة لك يا محمد من ربك خير من أموالهم التي يجمعونها.
٣٣ - ثم أعلم قلة الدنيا عنده -عز وجل- فقال:{وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} قال قتادة: لولا أن يكون الناس كفارًا (٥).
وقال مقاتل: يقول لولا أن يرغب الناس في الكفر إذا رأوا الكفار في سعة من الخير والرزق (٦).
(١) لم أقف عليه عند الأخفش وقد ذكره القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ١٦/ ٨٦، وذكر هذه القراءة أبو حيان في "البحر المحيط" ٨/ ١٣، وقال ابن الجوزي: وقرأ ابن السميفع وابن محيصن {سِخْرِيًّا} بكسر السين، انظر: "زاد المسير" ٧/ ٣١٢، وقال القرطبي: وكل الناس ضموا {سُخْرِيًّا} إلا ابن محيصن ومجاهد قرأ {سِخْرِيًّا} ١٦/ ٨٣. (٢) انظر: "تفسير مقاتل" ٣/ ٧٩٤. (٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤١٠. (٤) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٦٧، فقد أخرج ذلك عن قتادة والسدي، وذكر ذلك الماوردي ٥/ ٢٢٤ ولم ينسبه، والقرطبي ١٦/ ٨٤ ولم ينسبه. (٥) انظر: "تفسير الطبري" ١٣/ ٦٨، "تفسير الماوردي" ٥/ ٢٢٤. (٦) انظر: "تفسير مقاتل" ٣/ ٧٩٤.