وكل يوم مضى أو ليلة سلفت ... فيها النفوس إلى الآجال تزدلف (١)
وقال ابن مسلم: يقال: أزلفك الله أي: قربك، وأزلفني كذا عند فلان، أي: قربني منه. والزُلَف: المنازل والمَراقي؛ لأنها تُدْني المسافر، والراقي إلى حيث يقصده، ومنه قوله:{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ}[الشعراء: ٩٠] أي: أدنيت (٢).
وقال الحسن في قوله:{وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ} اهلكنا (٣).
وهو معنى وليس بتفسير؛ وذلك أنه أدنى من الهلاك فهو إهلاك في المعنى (وثّمَّ) إشارة إلى المكان. وذكرنا معناه عند قوله:{فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}[البقرة: ١١٥].
٦٧ - قوله:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً} قال مقاتل: إن في هلاك فرعون وقومه عبرة لمن بعدهم (٤){وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} يقول: لم يكن أكثر أهل مصر مصدقين بتوحيد الله، ولم يكن آمن من أهل مصر غير آسية امرأة فرعون، وحزقيل المؤمن، ومريم بنت ناموسا، التي دلت على عظام
(١) أنشده الماوردي ٤/ ١٧٥، والطوسي ٨/ ٢٩، ولم ينسباه. (٢) "غريب القرآن" لابن قتيبة ٣١٧. (٣) ذكره عنه ابن قتيبة، في "غريب القرآن" ٣١٧. فحاصل الأقوال في معنى: {وَأَزْلَفْنَا} ثلاثة؛ ١ - أهلكنا. ٢ - جمعنا. ٣ - قدمنا وقربنا. قال ابن قتيبة: وكل هذه التأوللات متقاربة، يرجع بعضها إلى بعض. "غريب القرآن" ٣١٨. (٤) أخرج ابن أبي حاتم ٨/ ٢٧٧٦، عن محمد بن. إسحاق: وكان يقال: لو لم يخرجه الله تعالى ببدنه حين أغرقه لشك فيه بعض الناس.