١٢٣ - قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} الآية، {وَكَذَلِكَ} عطف على {كَذَلِكَ} في الآية الآولى، أي: ومثل ذلك جعلنا في كل قرية، أي: كما زينا للكافرين أعمالهم كذلك (١) جعلنا.
قال المفسرون (٢): (يعني: كما إن فساق مكة أكابرها، كذلك جعلنا فساق كل قرية أكابرها).
قال ابن عباس:(أكابر مجرمي مكة المستهزئون المقتسمون عقاب (٣) مكة) (٤).
قال الزجاج:(إنما جعل الأكابر المجرمين؛ لأنهم بما هم فيه من الرئاسة والسعة أدعى لهم المكر والكفر، والدليل على ذلك قوله تعالى:{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ}[الشورى: ٢٧])(٥).
= وهو قوله: {كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} المعنى: مثل ذلك الذي قصصنا عليك زين للكافرين عملهم وكذلك جعلنا) اهـ. وقال الهمداني في "الفريد" ٢/ ٢٢٣: (الكاف يحتمل أن يكون في موضع رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: فعلنا لهذه الأشياء المتقدم ذكرها، وهي إحياء الميت وجعل النور له، وذكرنا لمن مثله في الظلمات مثل تزييننا للكافرين عملهم، أو في موضع نصب على أنه نعت لمصدر محذوف، أي: فعلنا هذه الأشياء فعلًا مثل فعلنا للتزيين) اهـ. (١) انظر: "معاني الزجاج" ٢/ ٢٨٨، و"تفسير الطبري" ٨/ ٢٤. (٢) انظر: "تفسير السمرقندي" ١/ ٥١١، و"الثعلبى" ١٨٣ ب. (٣) عقاب، بكسر العين: مرقى صعب من الجبال، وكل طريق بعضه خلف بعض، وعقب كل شيء: آخره. انظر: "اللسان" ٥/ ٣٠٢٩ (عقب). (٤) "تنوير المقباس" ٢/ ٥٧، وذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ١١٣. (٥) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٨٨، وزاد أيضًا قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} [الزخرف: ٣٣] وانظر: "معاني النحاس" ٢/ ٤٨٤.