[التوبة: ٧١]، وقال أيضًا في صفة المؤمنين {بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}[آل عمران: ١٩٥] فأما من لم يؤمن بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يدخل في دينه فإنهم ليسوا ممن عناهم الله بقوله:{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ} وإن كان -صلى الله عليه وسلم- مبعوثا إليهم بالدعوة, لأن الله تعالى قال في الآية الأولى:{وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} ومن لم يؤمن فليس ممن زكاه النبي -صلى الله عليه وسلم- من الكفر وعلمه القرآن والسنة.
وذكر أبو إسحاق وجهًا آخر في إعراب {وَآخَرِينَ} وهو النصب بالعطف على الضمير في {وَيُعَلِّمُهُمُ} على معنى: ويعلم (١) آخرين منهم (٢). وهذا كالسعيد (٣)؛ لأن الذين لم يلحقوا من شاهد النبي -صلى الله عليه وسلم- كيف يعلمهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يدركوه، إلا أن يحمل على أنهم إذا تعلموا ما أتى به فهو علمهم وإن لم يشاهدوه، وكل ما نعلمه من الدين فهو مما علمنا نبينا -صلى الله عليه وسلم-. (٤)
٤ - قوله تعالى:{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} قال ابن عباس: يريد حيث ألحق العجم وأبناءهم بقريش والعرب (٥). يعني أنهم إذا آمنوا ألحقوا
(١) في (ك): (ويعلمهم). (٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٧٠، وانظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٥٥. و"إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ٤١٧. (٣) كذا في (ك)، ولعل صوابها: (وهذا بعيد). (٤) ذكر العلماء هذا الوجه للدلالة على جوازه مع تقديمهم لغيره وتعليلهم للجواز بنحو ما ذكر المؤلف. قال الزمخشري: ويجوز أن ينتصب عطفًا على المنصوب في {وَيُعَلِّمُهُمُ} أي: يعلمهم ويعلم آخرين، أن التعليم إذا تناسق إلى آخر الزمان كان كله مستندًا إلى أوله فكأنه هو الذي تولى كل ما وجد منه). "الكشاف" ٤/ ٩٦. (٥) انظر: "التفسير الكبير" ٣٠/ ٤.