السرور والفرح، والبكاء يوجبه الحزن والنزح (١)، ومنهم من حمل الآيهَ على الاستعارة وهو قول الضحاك.
قال: المعنى أضحك الأرض بالنبات وأبكى السماء بالمطر (٢).
٤٤ - قوله تعالى:{وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا} المتقدمون من المفسرين حملوا هذا (٣) على الإماتة في الدنيا والإحياء للبعث (٤)، والمتأخرون منهم ذكروا وجوهًا أخرى، منها: أنه أمات الآباء، وأحيا الأبناء، كما ذكرنا في قوله:{وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا}[الجاثية: ٢٤] ومنها أنه أمات النطفة وأحيا النسمة، وأمات الكافر بالكفر وأحيا المؤمن بالإيمان, والوجهان ذكرا في قوله:{يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ}[الروم: ١٩]. ويدل على الوجه الثاني قوله:{أَوَ وَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ}[الأنعام: ١٢٢].
٤٦ - قوله تعالى:{مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى} قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد الجماع، وقال في رواية الكلبي: تهراق في الرحم، وهو قول الضحاك، قال: تصب في الرحم، ويقال: مني الرجل، وأمنى من المني (٥)، وقيل في مني (٦) مكة سميت مني؛ لما يمنى من الدماء أي:
(١) انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٨ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٥٥. (٢) (بالمطر) ساقطة من (ك)، والتصحيح من "الوسيط". انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٨ ب، و"الوسيط" ٤/ ٢٠٤، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٥٥، قلت: وهذا التفسير يخالف ما يفهم من ظاهر الآية، وحمله على الضحك والبكاء المعروفين أولى، والله أعلم. (٣) في (ك): (على هذا). (٤) انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٢٥٥، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ١١٧. (٥) انظر: المراجع السابقة. (٦) مِنَى: المكان المعروف من مهبط العقبة إلى محسر. سميت بذلك لما يمنى من الدماء. وقيل لأن الكبش مُني بها أي ذبح. انظر: "معجم البلدان" ٥/ ٢٢٩.