ونحو هذا قال مقاتل (١) قال: معناه ذلك كيل يسير على هذا الرجل المحسن لسخائه وحرصه على البذل، وهو اختيار الزجاج (٢): أي سهل على الذي نمضي إليه. وقال آخرون (٣): ذلك كيل سهل قصير الوقت والمدة، ليس سبيل مثله أن نشتغل ولا نضطر إلى الاحتباس والتأخير عن الأوبة إليك.
٦٦ - قوله تعالى {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ} الموثق (٤): مصدر بمعنى الثقة، ومعناه: العهد الذي يوثق به، فهو مصدر بمعنى المفعول، يقول: لن أرسله معكم حتى تعطوني عهدًا موثوقًا به.
وقوله تعالى:{مِنَ اللَّهِ} أي: عهدًا يوثق به من جهة إشهاد الله. أو القسم بالله، فالموثق من أنفسهم، وكلهم يؤكدون ذلك بإشهاد الله عليه، وبالقسم بالله عليه، فيوثق بذلك العهد من هذه الجهة.
وقوله تعالى {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ} دخلت اللام هاهنا لأن قوله {تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ} موثقًا من الله معناه اليمين أي: حتى تحلفوا بالله لتأتنني به.
وقوله تعالى:{إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} قال عطاء عن ابن عباس (٥): يريد إلا أن يأتيكم من الله أمر غالب لا طاقة لكم به. وذكر المفسرون وأهل المعاني (٦) في هذا قولين أحدهما: أن قوله {إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} معناه
(١) "تفسير مقاتل" ١٥٥ ب، قال: سريع لا حبس فيه، الرازي ١٨/ ١٧١. (٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١١٩. (٣) هذا القول نسبه في "زاد المسير" ٤/ ٢٥٣ إلى مقاتل. (٤) انظر: "تهذيب اللغة" ٩/ ٢٦٦. (٥) ذكره الثعلبي ٧/ ٩٤ ب عن مقاتل، و"تنوير المقباس" ص ١٥١ بنحوه. (٦) الطبري ١٦/ ١٦٣، الثعلبي ٧/ ٩٤ ب، البغوي ٢/ ٤٣٧، ابن عطية ٩/ ٣٣٦، "معاني القرآن" للنحاس ٣/ ٤٤١، "معاني الفراء" ٢/ ٥٠.