قال أبو بكر بن الأنباري: فمن أخذ بهذا التفسير قال: العليم: الملك أو العزيز.
وقوله تعالى:{وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ} أي: لا يرشد كيد من خان أمانته، يريد أنه في العاقبة بحرمان الهداية من الله -عز وجل-، والكلام خرج على الكيد ومعناه: الكائد، أي: لا يهدي الكائد الخائن، قال عامة المفسرين (١): لما قال يوسف {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ} الآية، قال له جبريل: ولا حين هممت بها يا يوسف؟، فقال يوسف:
٥٣ - {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} قال أهل المعاني (٢): خاف على نفسه التزكية، وتزكية النفس مما يذم وينهى عنه، قال الله تعالى:{فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ}[النجم: ٣٢] فاستدرك ذلك بقوله {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} قال ابن عباس: يريد: وما أزكي نفسي، {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} قال: يريد (٣): بالقبيح وما لا يحب الله، وذلك لكثرة ما تشتهيه وتنازع إليه.
وقوله تعالى:{إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} قالوا (٤): "ما" بمعنى "من" أي: إلا من رحم ربي فعصم مما تدعوه إليه نفسه من القبيح، و"ما" بمعنى "من" بمعنى "ما" قد يقعان في مواضع كقوله: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}[النساء: ٣]، وقوله:{وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ}[النور: ٤٥]، قال الفراء (٥): وهذا استثناء منقطع مما قبله؛ لأن المرحوم بالعصمة استثني من
(١) الطبري ١٣/ ١ - ٣، عن ابن عباس بن سعيد بن جبير وابن أبي الهذيل والحسن وأبي صالح وقتادة وعكرمة، الثعلبي ٧/ ٨٨ ب، البغوي ٤/ ٢٤٩، ابن عطية ٧/ ٥٣٦. (٢) روى عن الحسن "زاد المسير" ٤/ ٢٤١، وانظر الطبري ١٣/ ٢، الثعلبي ٧/ ٨٨ ب. (٣) "تنوير المقباس" ص ١٥١. (٤) انظر: "تهذيب اللغة" (ما) ٤/ ٣٣١٩. (٥) "معاني القرآن" ٢/ ٤٨.