عبد الله: فرأيت الجبل بين فلقتيه، إحداهما خلف الجبل، والأخرى فوقه (١).
ولأن قوله {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا} يدل على أن هذا قد مضى وتقدم، وإنما ذكر اقتراب الساعة مع انشقاق القمر؛ لأن انشقاقه من علامات نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم-، ونبوته وزمانه من أشراط اقتراب الساعة، قال أبو إسحاق منكرًا لقول عطاء: زعم قوم عَندوا عَنِ القصد وما عليه أهل العلم أن تأويله أن القمر ينشق يوم القيامة، والأمر بين في اللفظ، وإجماع (٢) أهل العلم؛ لأن قوله:
٢ - {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} فكيف يكون هذا في القيامة (٣). قال المفسرون: لما انشق القمر قال المشركون: سحرنا محمد، فقال الله تعالى {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً}(٤) يعني انشقاق القمر {يُعْرِضُواْ}، أي: عن التصديق والإيمان بها.
{وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} فيه قولان:
أحدهما: ذاهب، وهو قول أنس، ومجاهد، ومقاتل، والكلبي،
= المتواترة بالأسانيد الصحيحة، وهذا أمر متفق عليه بين العلماء أن انشقاق القمر قد وقع في زمان النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات. "تفسير القرآن العظيم" ٥/ ٢٦١، وانظر: "فتح القدير" ٥/ ١٢، و"روح المعاني" ٢٧/ ٧٤ - ٧٥. (١) انظر: "صحيح البخاري"، كتاب: التفسير، سورة القمر، باب: وانشق القمر، وإن يروا آية يعرضوا ٦/ ١٧٨، "صحيح مسلم"، كتاب: صفة القيامة والجنة والنار، باب: انشقاق القمر، و"مسند الإمام أحمد" ١/ ٣٧٧، و"المستدرك"، كتاب: التفسير، سورة القمر، و"سنن الترمذي"، كتاب: "التفسير" ٥/ ٣٧ (٣٢٨٥). (٢) في (ك): (والإجماع) والصواب ما أثبته. (٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ٨١ (٤) انظر: "الوسيط" ٤/ ٢٧، و"معالم التنزيل" ٤/ ٢٥٨، و"فتح القدير" ٥/ ١٢.