قوله تعالى:{لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} يعني لو علموا لرغبوا في الباقي الدائم عن الفاني الزائل، ولكنهم لا يعلمون.
٦٥ - قوله:{فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} قال ابن عباس: يريد المشركين كفار مكة. وذكرنا معنى {فِي} عند قوله: {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا}[هود: ٤١](١).
و {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} أفردوا الله بالطاعة، وتركوا شركاءهم فلا يدعونهم لإنجائهم {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ} الله من أهوال البحر، وأفضوا إلى البر {إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} به في البر فلا يوحدونه كما وحدوه في البحر (٢). وهذا إخبار عن عنادهم، وأنهم عند الشدائد يعلمون أن القادر على كشفها الله وحده، فإذا زالت عادوا إلى كفرهم (٣).
٦٦ - قوله تعالى:{لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ} في هذه اللام وجهان؛
= مُورق بتشديد الراء، ابن مُشَمْرِج، بضم أوله، ابن عبد الله العجلي، ترجم له الحافظ ابن حجر. "تقريب التهذيب" ٩٧٧، رقم (٦٩٨٩). ومَوْرَق بفتح الميم وضمها اسم موضع بفارس. "معجم البلدان" ٥/ ٢٥٦، ثم قال ياقوت الحموي: ومَوْهَب ومَوْظَب اسمان لرجلين. (١) قال الواحدي في تفسير هذه الآية: وقوله تعالى: {فِيهَا} لا يجوز أن تكون من صلة الركوب؛ لأنه يقال: ركبت السفينة، ولا يقال: ركبت في السفينة، والوجه هاهنا أن يقال: مفعول {ارْكَبُوا} محذوف على تقدير: اركبوا الماء في السفينة فيكون قوله: {فِيهَا} حالًا من الضمير في: {ارْكَبُوا} ويجوز أن يقال: المعنى: اركبوها؛ أي: الفلك، وزاد: في للتأكيد كقوله: {لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: ٤٣] وفائدة هذه الزيادة أنه أمرهم أن يكونوا في جوف الفلك لا على ظهرها، فلو قال: (اركبوها) لتوهموا أنه أمرهم أن يكونوا على ظهر السفينة. (٢) "تفسير مقاتل" ٧٥ ب. (٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣١٨، بمعناه.