{ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} بعد الموت فنجزيكم بأعمالكم (١). وهذا حث على الطاعة فيما أَمر به من الهجرة. ثم ذكر ثواب من هاجر فقال:
٥٨ - {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا} قال ابن عباس: لنسكننهم غرف الدر والياقوت والزبرجد (٢).
قال مقاتل: يعني لننزلنهم (٣). وهذا يدل على صحة قراءة العامة:{لَنُبَوِّئَنَّهُمْ} يقال: بوأت فلانًا منزلًا تبويئًا وتبوئة (٤)، وذكرنا ذلك قديمًا (٥).
وقرأ حمزة والكسائي:(لَنُثْوِيَنَّهُم) وهي قراءة عبد الله والأعمش (٦)، يقال: ثوى بالمكان إذا أقام به (٧)، ومنه قوله:{وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ}[القصص: ٤٥] أي: مقيمًا نازلًا فيهم، والثويَّ: الضيف لإقامته
(١) "تفسير مقاتل" ٧٥ أ. (٢) ذكره عنه الطبرسي "مجمع البيان" ٧/ ٤٥٥. (٣) "تفسير مقاتل" ٧٥ أ. و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ١١٧. و"غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٣٨. (٤) "تهذيب اللغة" ١٥/ ٥٩٥ (باء). (٥) قال الواحدي في تفسير قول الله تعالى: {أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا} [يونس: ٨٧]: قال أبو علي: التبؤ: فعل يتعدى إلى مفعولين فعلى ما ذكر أبو علي يجوز أن تقول: تبوأت زيدًا مكانًا، أي: اتخذت له، ولم أو هذا لغيره؛ لأنه يقال: تبوأ المكان دارًا، فيعدونه إلى مفعولين كما ذكر، ويقال: تبوأ لزيد منزلًا، أي: اتخذه له، فلا يعدون لزيد إلا باللام. (٦) قرأ حمزة والكسائي: [لَنُثْوِيَنَّهُم] بالثاء، وقرأ الباقون: {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ} بالباء. "السبعة في القراءات" ٥٠٢، و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٣٨، وفيه ذكر قراءة الأعمش نقلها عن أبي الحسن. و"النشر في القراءات العشر" ٢/ ٣٤٤. وأخرج قراءة ابن مسعود: الفراء، "معاني القرآن" ٢/ ٣١٨. (٧) قال ابن قتيبة: هو من: ثويت بالمكان، أي: أقمت به. "غريب القرآن" ٣٣٨.