تَربَّصْ بها رَيْبَ المَنُونِ لعلّها ... تُطَلَّقُ يومًا أو يَمُوتُ حَلِيلهُا (١)
قال المفسرون: قال المشركون: ننتظر بمحمد الموت وحوادث الدهر فيهلك كما هلك من قبله من الشعراء زهير والنابغة، وأن أباه توفي شابًّا ونحن نرجو أن يموت كما مات أبوه شابًّا (٢). وقال الأخفش: يريد نتربص به إلى ريب المنون، فحذف الجر كما تقول:
قصدت زيدًا وقصدت إلى زيد، وعمدت زيدًا وعمدت إلى زيد (٣)
وأصله من المنِّ، قال الله تعالى:
٣١ - {قُلْ تَرَبَّصُوا} قال الكلبي: انتظروا بي الموت {فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ} بكم من المنتظرين عذابكم، فعذبوا يوم بدر بالسيف، وهو قول جماعة المفسرين (٤).
قال أبو إسحاق: وجاء في التفسير أن هؤلاء الذين قالوا هذا هلكوا كلهم قبل وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (٥).
٣٢ - قوله تعالى:{أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} قال ابن عباس: يريد التكذيب (٦). يعني أن الله تعالى أشار بقوله:{بِهَذَا} إلى ما ذكر
(١) أخرج ابن جرير نحوه عن ابن عباس بإسناد حسن، وأخرجه ابن إسحاق في السيرة. انظر: "جامع البيان" ٢٧/ ١٩، "فتح الباري" ٨/ ٦٠٢، "معالم التنزيل" ٤/ ٢٤٠، "مرويات ابن عباس" للحميدي ٢/ ٨٢٩. (٢) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٧/ ٧٢، "فتح القديرِ" ٥/ ٩٩. (٣) في "معاني القرآن" للأخفش ٢/ ٦٩٧، قال: وقال {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} لأنك تقول: تربصتُ زيدًا، أي تربصت به. (٤) انظر: "الوسيط" ٤/ ١٨٩، "معالم التنزيل" ٤/ ٢٤١، "القرطبي" ١٧/ ٧٣. (٥) انظر: "معاني القرآن" ٥/ ٦٥. (٦) انظر: "تنوير المقباس" ٥/ ٢٨٦.