١٦٥ - قوله تعالى:{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ}، قال ابن عباس:(أي: تركوا ما وعظوا به)(١)، {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ}، يعني: الفرقة الناهية، واختلفوا في الفرقة الممسكة غير الناهية الذين قالوا:{لِمَ تَعِظُونَ}، فقال ابن عباس في رواية عطاء بن السائب (٢): (أسمع الله يقول: {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ} إلى قوله {يَفْسُقُونَ}، فليت شعري ما فعل بهؤلاء الذين قالوا {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا})(٣). فمذهبه في هذه الرواية الوقف في الفرقة الممسكة.
وروي عنه أيضًا أنه قال:(كانوا أثلاثًا؛ ثلثًا نهى، وثلثًا قالوا:{لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا}، وثلثا أصحاب الخطيئة، فما نجا إلا الذين نهوا وهلك سائرهم)(٤).
(١) أخرجه ابن أبي حاتم ٥/ ١٦٠١ بسند جيد وذكره الواحدي في "الوسيط" ٢/ ٢٥٨، وانظر: "تفسير الطبري" ٩/ ٩٩، و"معاني الزجاج" ٢/ ٣٨٦، والنحاس ٣/ ٩٤، و"تفسير السمرقندي" ١/ ٥٧٧، الثعلبي ٦/ ١٤/ ب، والماوردي ٢/ ٢٧٢. (٢) عطاء بن السائب بن يزيد الثقفي أبو يزيد الكوفي، إمام تابعي عابد من كبار العلماء، ثقة ساء حفظه في آخر عمره توفي سنة ١٣٦هـ، انظر: "طبقات ابن سعد" ٦/ ٣٣٨، و"الجرح والتعديل" ٦/ ٣٣٢، و"سير أعلام النبلاء" ٦/ ١١٠، و"تهذيب التهذيب" ٣/ ١٠٣، ومقدمة "فتح الباري" ص ٤٢٥. (٣) أخرجه "عبد الرزاق" ١/ ٢/ ٢٣٩ - ٢٤٢، والطبري ٩/ ٩٨، والحاكم صححه ٢/ ٣٢٢ - ٣٢٣ من عدة طرق جيدة. (٤) أخرجه الطبري ٩/ ٩٧، وابن أبي حاتم ١٦٠٠ من طرق جيدة وذكره ابن كثير في "تفسيره" ٢/ ٢٨٧ - ٢٨٨، وقال: (نص الله على نجاة الناهين وهلاك الظالمين وسكت عن الساكتين؛ لأن الجزاء من جنس العمل، فهم لا يستحقون مدحًا فيمدحوا , ولا ارتكبوا عظيمًا فيذموا، ومع هذا فقد اختلف الأئمة فيهم فروي عن ابن عباس بإسناد جيد أنه قال: (ما نجا إلا الذين نهوا وهلك سائرهم)، ولكن رجوعه إلى قول عكرمة في نجاة الساكتين أولى من القول بهذا لأنه تبين حالهم =