لقوله: يمنعنا محمد من الدخول على بنات عمنا وأضمر هذا القول، ثم قال:{أَوْ تُخْفُوهُ} يعني: أو تسروه في قلوبكم يعني: قوله: ليتزوجها من بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- فهذا الذي أخفاه، فذلك قوله:{فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} من السر والعلانية (١). قال عطاء عن ابن عباس: وقدم هذا الرجل على ما حدث به نفسه فمشى إلى مكة على رجليه وحمل عشرة أفراس في سبيل الله وأعتق رقيقًا، فكفر الله -عز وجل- عنه ورحمه (٢).
قال المفسرون (٣): لما نزلت آية الحجاب قال الآباء والأبناء والأقارب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ونحن أيضًا نكلمهن من وراء حجاب، فأنزل الله تعالى قوله:
٥٥ - {لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ} الآية أي: لا جناح عليهن في هؤلاء أن يروهن ويتركن الحجاب منهن.
قال أبو إسحاق: هذه الآية نزلت فيمن يحل للمرأة البروز له ولم يذكر العم والخال؛ لأنهما يجريان مجرى الوالدين في الرؤية وقد جاء في القرآن تسمية العم أبا في قوله:{وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ}[البقرة: ١٣٣](٤).
وقال غيره: هذه الآية تتضمن بيان بعض المحارم (٥)، وقد سبق ذكر الحرم في سورة النور (٦) وهذه بعض تلك الآية.
(١) انظر: "تفسير مقاتل" ٩٥ أ. (٢) انظر: "تفسير القرطبي" ١٤/ ٢٢٨. (٣) وانظر: "مجمع البيان" ٨/ ٥٧٧، "تفسير القرطبي" ١٤/ ٢٣١، "تفسير زاد المسير" ٦/ ٤١٧. (٤) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٣٦. (٥) انظر: "تفسير القرطبي" ١٤/ ٢٣١. (٦) هكذا جاءت العبارة وهو خطأ ولعل الصواب: وقد سبق ذكر المحارم في سورة النور، وقد سبق ذكره في تلك السورة عند تفسير الآية رقم ٣١.