وقوله تعالى:{وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ} قال ابن جريج: (خوفوه آلهتهم أن يصيبه منها خبل فقال: {وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ})(١)، وقال أبو إسحاق:(أي: هذه الأشياء التي تعبدونها (٢) لا تضر (٣) ولا تنفع ولا أخافها {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا}، أي: إلا أن يشاء أن يعذبني، وموضع (أن) نصب، أي: لا أخاف إلاَّ مشيئة الله) (٤)، والتقدير: لكن أخاف مشيئة ربي يعذبني (٥) و (إلا) هاهنا بمعنى: لكن، والاستثناء (٦) منقطع، وهو كما تقول: لا أخاف من السلطان شيئًا إلا أن يظلمني غيره.
وقال ابن عباس (٧): (يريد: أن المشيئة والأسقام والأمراض إليه)، وهذا يدل على أنهم قالوا له: أما تخاف أن تمسَّك آلهتنا بسوءٍ.
٨١ - قوله تعالى:{وَكَيْفَ أَخَافُ} معناه: الإنكار للخوف، وهو سؤال تعجيز عن تصحيح الخوف بالبرهان.
وقوله تعالى:{مَا أَشْرَكْتُمْ} يعني: الأصنام (٨): {وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا} قال ابن عباس: (يريد: ما
(١) أخرجه الطبري ٧/ ٢٥٣ بسند جيد، وذكره السيوطي في "الدر" ٣/ ٤٩. (٢) في (أ): (يعبدونها). (٣) في (ش): (لا يضر ولا ينفع). (٤) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٦٨ - ٢٦٩، وانظر: "بدائع التفسير" ٢/ ١٥٢ - ١٥٦. (٥) في (ش): (تعذبني). (٦) انظر: "إعراب النحاس" ١/ ٥٦١، و"معاني النحاس" ٢/ ٤٥٣، وابن عطية ٥/ ٢٦٦، و"التبيان" ص ٢٤٤، و"الفريد" ٢/ ١٨٠، و"الدر المصون" ٥/ ١٩. (٧) لم أقف عليه. (٨) انظر: "تفسير الطبري" ٧/ ٢٥٣، وابن عطية ٥/ ٢٦٦.