وقوله تعالى:{فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ} أي من الآيسين، والقنوط: الإياس من الخير، وهذا يدل على يأس إبراهيم من الولد واستبعاده ذلك على الكبر.
٥٦ - قوله تعالى:{وَمَنْ يَقْنَطُ} وقُرئ {يَقْنَطُ} بفتح النون (١)، قال أبو علي: قنط يَقْنَطُ أعلى اللغات يدل على ذلك اجتماعهم في قوله: {مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا}(٢)[الشورى: ٢٨]، وحكاية أبي عبيدة تدل أيضًا على أن قَنَطَ أكثر (٣)؛ لأن مضارع فَعَل (يجيء على يَفعِل ويَفعُل؛ مثل: فَسَق يَفْسِقُ يَفْسُقُ، ولا يجيء مضارع فَعِل)(٤) على يَفْعُلُ (٥).
قال ابن عباس: يريد: ومن ييئس (٦) من رحمة ربه إلا المكذبون (٧)،
(١) قرأ بها ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر وحمزة انظر: "السبعة" ص ٣٦٧، "علل القراءات" ١/ ٢٩٧، " إعراب القراءات السبع وعللها" ١/ ٣٤٦، "الحجة للقراء" ٦/ ٤٧، "المبسوط في القراءات" ص ٢١١، "المُوضَح في وجوه القراءات" ٢/ ٧٢٣. (٢) "الحجة للقراء" ٥/ ٤٧ بنحوه، لكنه لم يجزم بأنها أعلى اللغات، بل قال: وكأنّ يقْنَطُ أعلى. (٣) "مجاز القرآن" ١/ ٣٥٣ وليس في كلام أبي عبيدة ما يؤيِّد دعوى الواحدي؛ إذ قال: يقال: قنَط يقنِط، وقنِط يقنَط قنوطاً، وليس في هذا ترجيح لإحدى اللغتين. (٤) ما بين القوسين ساقط من (أ)، (د). (٥) هذا التعليل في "الحجة للقراء" ٥/ ٤٧ بنصه. (٦) في جميع النسخ: (يأيس) وهو تصحيف، ولم أجده في كتب اللغة، قال أهل اللغة: يَئِسَ يَيْأَسُ وَييئِسُ لغات بمعنى القنوط. انظر: "أدب الكاتب" ص ٤٨٣، "الكامل" ٢/ ٧٥٤، "اللسان" (يأس) ٨/ ٤٩٤٥، "متن اللغة" ٥/ ٨٢٩. (٧) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق: سيسي ٢/ ٣٦٠ بنصه، "تنوير المقباس" ص ٢٧٩ بنحوه، وورد بنصه غير منسوب في "تفسير الخازن" ٣/ ٩٨.