دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَاَلأَرضُ} عندنا -في عادة الاستعمال- من ألفاظ التأبيد، خُوطِبْنا على ما نَعْرِف (١)؛ كذلك في هذه الآية.
وسُئِل أنسُ بن مالك عن الجَنَّة: أفي الأرض أم في السماء؟ فقال: وأيُ أرضٍ وسماءٍ تَسَعُ الجَنَّة؟! قيل: فأين هي؟ فقال: فوق السَّموات السَبْع، تحت العَرْش (٢)(٣).
١٣٤ - قوله تعالى:{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ} قال ابن عباس (٤): يعني: في اليُسْرِ والعُسْر. كأنه يريد: السَّرَّاء؛ بكثرة المال، والضَّراء، بِقِلَّتِهِ.
وهذه الآية من صفة المُتَّقِين الذين أعِدت لهم الجَنَّة. وأول ما وصفهم الله تعالى به: الإنفاق في كل حال. وهو من أقسام السَّخَاء.
وقوله تعالى:{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} يقال: (كَظَمَ غَيْظَه): إذا سكت
(١) هذا القول هو ما ذهب إليه الطبري في "تفسيره" ١٢/ ١١٧. وهناك قول آخر، وهو: إن المراد: سموات الدار الآخرة، وأرضها، وهي دائمة بدوام الدار الآخرة؛ حيث إنه لابد لهم من أرض تقلهم وسماء تظلمهم. وقد ورد عن ابن عباس قوله: (لكل جنة أرضٌ وسماء) وروي نحوه عن السدي والحسن. انظر: "المحرر الوجيز" ٧/ ٤٠١، و"تفسير النسفي" ٢/ ١٧٣، و"تفسير أبي السعود" ٤/ ٢٤١، و"تفسير ابن كثير" ٢/ ٥٠٤، و"فتح البيان" ٤/ ٤٠٣، و"منهج صديق حسن خان في تفسيره" ٥٢٦ - ٥٢٧. (٢) أورد قوله هذا بنصه: الثعلبي في "تفسيره" ٣/ ١١٧ أ، والبغوي في "تفسيره" ٢/ ١٠٤. ولم أقف على مصدر آخر له. (٣) انظر حول مكان الجنة روايات أخرى بنفس ما روي عن أنس بن مالك في: حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح: ٦٥ - ٦٧. (٤) قوله في: "تفسير الطبري" ٤/ ٩٣، و"تفسير ابن أبي حاتم" ٣/ ٧٦٢.