ونحو هذا قال الفراء في قراءة من قرأ (سكرى) قال: وهو وجه جيد في العربية؛ لأنه بمنزلة الهلكى والجرحى، والعرب تجعل فَعَلى علامة لجمع كل ذي زمانة وضرر وهلاك، ولا يبالون أكان واحده فاعلاً أم فحيلاً أم فعلان. قال: ولو قيل "سكرى" على أن (١) الجمع يقع عليه التأنيث فيكون كالواحدة كان وجها، كما قال الله:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}[الأعراف: ١٨٠] و {الْقُرُونِ الْأُولَى}(٢) و {النَّاسَ} جماعة فجائز (٣): أن يقع ذلك عليهم، وأنشد:
أضحت بنو عامر غَضْبَى أنُوفُهم ... أنَّى عفوت (٤) فلا عارٌ ولا باس
فقال غضبى للأنوف على ما فسَّرت لك (٥).
وقوله:{وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} دليل على سكرهم من خوف العذاب.
٣ - قوله:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ} قال المفسرون: نزلت في النَّضْر بن الحارث، كان كثير (٦) الجدال، وكان ينكر أن الله قادرٌ على إحياء من بَلِيَ وصار ترابًا (٧).
وقال ابن عباس في رواية عطاء: يريد الوليد بن المغيرة وعتبة بن
(١) (أنَّ): ساقطة من (ظ)، (د)، (ع). (٢) طه: ٥١، القصص: ٤٣. (٣) في (ظ): (فجاز). (٤) في (أ): (عفرت)، وهو خطأ. (٥) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢١٤ - ٢١٥. والبيت الذي أنشده الفراء قال عنه: وأنشدني بعضهم. (٦) في (ظ): (كبير). (٧) "الكشف والبيان" للثعلبي ٣/ ٤٧ أ.