{وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ} لأنَّ كلَّ ما فعله بخلقه فهو منه عدلٌ، ومَن تَصَرَّف في حقيقة مُلْكِهِ، لا يُوصَفُ تصرفُهُ بأنه ظلم.
{وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} لأنَّ الإنسان -بالكفر والعصيان- هو الذي يَظلِمُ نفْسَه.
قال أهل المعاني: وفي هذا حسرة شديدة لهؤلاء المنفقين، ومصيبة عظيمة؛ لأنهم رجوا (١) فائدة نفقاتهم، وعائدتها، فعادت عليهم بالمَضَرَّة (٢)، كما رجا أصحابُ الزرع عائدةَ زرعِهم، فضربته (٣) الريحُ وأهلكته (٤).
١١٨ - قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} الآية. قال المفسرون: نزلت في النهي عن مداخلة اليهود والمنافقين (٥).
(١) في (أ)، (ب): ربحوا. ولا وجه لها. والمثبت من: ج؛ نظرًا لمناسبته لما بعده من قوله: (كما رجا أصحاب الزرع ..)، ولمناسبته للمعنى المراد. وقد وردت هذه الكلمة في: "تفسير الطبري": ٤/ ٦٠ عند تفسير هذه الآية. (٢) في (ب): (المضرة). (٣) في (ج): (فضربتها). (٤) انظر معنى هذا القول في: "تفسير الطبري" ٤/ ٦٠. (٥) ورد ذلك عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والربيع، وغيرهم. انظر: "سيرة ابن هشام": ٢/ ١٨٦، و"تفسير الطبري":٤/ ٦١، و"تفسير ابن أبي حاتم": ٣/ ٧٤٢ - ٧٤٣، و"تفسير الثعلبي": ٣/ ١٠٤ أ، و"أسباب النزول" للواحدي: ص ١٢٤، و"الدر المنثور": ٢/ ١١٨. ولا يمنع كونها نازلة في اليهود والمنافقين، أن يدخل في النهي اتِّخاذ جميع أصناف الكافرين بطانة؛ لأن العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب، وقد قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ}. [سورة الممتحنة:١]. =