بل أكثرهم كفار بالنقض. وحَسُن هذا التفصيل؛ لأن منهم من نقض عنادًا، ومنهم من نقض جهلًا.
وقيل: معناه: كفر فريق بالنقض وكفر أكثرهم بالجحد للحق، وهو أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - (١).
١٠١ - قوله تعالى:{نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} جائز أن يكون المراد بقوله: {كِتَابَ الله}: القرآن، وجائز أن يكون المراد به: التوراة؛ لأن الذين كفروا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - نبذوا التوراة (٢).
ويقال لكل من استخف بشيء (٣) ولم يعمل به: نبذه وراء ظهره (٤).
قال الشعبي (٥): هو بين أيديهم يقرؤونها، ولكن نبذوا العمل به (٦).
وقال سفيان بن عُيينة:(٧) أدرجوه في الحرير والديباج، وحلَّوه بالذهب والفضة، ولم يُحِلّوا حلاله ولم يحرّموا حرامه، فذلك النبذ (٨).
(١) ينظر: "البحر المحيط" ١/ ٣٢٤، وذكر احتمالا آخر. (٢) هذا كلام الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٨٢، وينظر: "زاد المسير" ١/ ١٢٠، و"تفسير الرازي" ١/ ٢٠٢. (٣) في (م): (استخف بشيء نبذه ولم يعمل). (٤) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٤٤٣، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٥٣، "تفسير الرازي" ٣/ ٢٠١. (٥) هو: أبو عمرو عامر بن شراحيل الشعبي الحميري، تقدمت ترجمته [البقرة: ٧]. (٦) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٥٤، البغوي في "تفسيره" ١/ ١٢٦وفي بعض نسخ الثعلبي في "تفسيره" يقرؤونه، وفي بعضها: يقرؤونها. (٧) هو: الإمام أبو محمد سفيان بن عيينة بن أبي عمران، ميمون الهلالي الكوفي المجتهد، شيخ الإسلام، من كبار المحدثين الثقات، كان واسع العلم، وله تفسير، توفي سنة ١٩٨ هـ. ينظر: "طبقات المفسرين" للداودي ١/ ١٩٦، و"السير" ٨/ ٤٥٤. (٨) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٠٥٤، "البغوي" ١/ ١٢٦.